انقراض 610 أنواع من الطيور بسبب البشر.. أزمة متوقعة بالتنوع الوظيفي


مروة بدوي
السبت 19 أكتوبر 2024 | 10:50 مساءً

من طائر "الدودو" الذي انقرض في القرن الـ 17 إلى طائر "كاواي" المغرد، الذي أُعلن عن انقراضه رسمياً في أكتوبر 2023، لا تزال الأنشطة البشرية هي السبب الرئيسي لانقراض تلك الأنواع وغيرها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، منذ آلاف السنين.

تأكيداً لذلك كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة برمنجهام البريطانية، أن الإنسان تسبب في انقراض 610 أنواع من الطيور منذ أواخر العصر "البليستوسيني"، أي على مدى  أكثر من مائة ألف عام.

أنشطة بشرية طاردة للطيور

تسلط نتائج هذه الدراسة، التي نشرت في دورية "ساينس"، الضوء على العواقب الوخيمة للأزمة التي تحيق بالتنوع البيولوجي،  والحاجة الملحة لتحديد الوظائف البيئية المفقودة بسبب الانقراض.

وأثبت العلماء بالفعل انقراض أكثر من 600 نوع من الطيور كأحد الآثار المترتبة على الأنشطة  البشرية على مدى 130 ألف عام، وبالتالي كان البشر سبباً في تناقص التنوع والثراء الإحيائي على مستوى العالم لآلاف السنين، ولكن السؤال؛ ما هي عواقب هذه الانقراض المتواصل للكائنات؟ 

الآثار العميقة للانقراض البيولوجي

يرصد الباحثون الآثار الأوسع المترتبة على حالات الانقراض، فالأمر لا يقف عند العدد فقط، لكنه يمتد الى أبعد من ذلك، وفي هذه الدراسة يحاول العلماء توضيح  تأثير هذه الانقراضات على تنوع الطيور العالمي من حيث السمات والتنوع الوظيفي وتاريخ تطور السلالات على الكوكب.

واكتشف الباحثون انقراض حوالي 5% من أنواع الطيور المعروفة على مدى نحو  130 ألف عام، وتعد هذه الأنواع هي الأكثر تميزًا من حيث السمات والسلالة بين الطيور، وخاصة تلك التي انقرضت قبل 500 عام. 

ووفقا للدراسة البريطانية، نتج عن انقراض الطيور بسبب الأنشطة البشرية، فقدان ما يقرب من 3 مليارات سنة من تاريخ تطور السلالات الفريدة، وخسارة 7% من التنوع الوظيفي للطيور على مستوى العالم، وهي نسبة أعلى بكثير من المتوقع بناءً على عدد حالات الانقراض.

وأوضح المؤلف الرئيسي للدراسة البروفيسور توم ماثيوز، من جامعة برمنجهام أن عدد أنواع الطيور التي تعرضت للانقراض يمثل جزءاً كبيراً من الأزمة، ولكن هناك جزء آخر يتعلق بالانخفاض الكبير في التنوع الوظيفي للطيور نتيجة الانقراض، أو مجموعة الأدوار والوظائف المختلفة التي تقوم بها الطيور داخل البيئة.

وأضاف البروفيسور ماثيوز، أن كل نوع من الكائنات الحية يملك وظيفة معينة داخل بيئته، وبالتالي يساهم في النظام الإيكولوجي، وخاصة الطيور التي تعتبر عضواً فعّالاً في الكون، وتلعب مجموعة واسعة من الأدوار البيئية المهمة، لذلك فإن فقدان التنوع الوظيفي للطيور على وجه الخصوص من المرجح أن يكون له آثار بعيدة المدى.

على سبيل المثال تساهم بعض أنواع الطيور بشكل كبير في توزيع بذور الفواكه مما يسمح بنمو النباتات والأشجار، وأنواع أخرى تساعد في مكافحة الحشرات، بينما هناك طيور مثل  طائر الطنان تشارك في عمليات تلقيح الزهور بسبب حركتها المستمرة.

عندما تموت هذه الأنواع أو تنقرض، يموت معها الدور الذي تلعبه في النظام البيئي وتكون النتيجة؛ انخفاض تلقيح الزهور، وانخفاض انتشار البذور، وعدم السيطرة على أعداد الحشرات وصولاً إلى  زيادة حالات تفشي الأمراض بسبب انخفاض استهلاك الجيف، أي أن خسارة الطيور وفقدان التنوع الوظيفي يُحدث اضطراباً في التوازن البيئي.

بالإضافة إلى ذلك، يحمل كل نوع من الطيور قدراً معيناً من تاريخ تطور سلالته، لذلك عندما ينقرض أي نوع، يكون الأمر بمثابة قطع أو إزالة فرع من شجرة الحياة، يفقد معه صفحة من صفحات التاريخ العائلي المرتبط بكل سلالة.

مستقبل الطيور

يختتم البروفسور ماثيوز، قائلاً إن نتائج الدراسة تذكرنا بأن أزمة الانقراض الحالية بسبب الانشطة البشرية، لا تتعلق فقط بأعداد الكائنات المنقرضة، لكنها ترتبط مباشرة بتأثير ذلك في  التنوع الوظيفي وتطور الكائنات داخل النظام البيئي. 

أما عن المستقبل، تتوقع الدراسة انقراض أكثر من 1000 نوع من الطيور على مدى القرنين المقبلين، مما يسفر عن خسائر مؤثرة في التنوع العددي والوظيفي للطيور، وخاصة التي تعيش على الجزر، وتتمتع هذه التوقعات بأهمية كبيرة حيث تؤكد على الحاجة إلى جهود الحفاظ على التنوع البيولوجي وضرورة استعادة النظام البيئي.