يواجه الغطاء النباتي في المناطق الجافة والقاحلة الكثير من التحديات البيئية، مثل قلة الأمطار ودرجات الحرارة المرتفعة، بجانب الممارسات البشرية العشوائية والاستغلال المفرط للثروة الطبيعية، ومن هذه الممارسات الاحتطاب الجائر.
ولقد ساهم انخفاض الوعي البيئي والبحث عن المكاسب المادية في توسع عمليات الاحتطاب، فتدهور الغطاء النباتي في كثير من دول العالم.
وقد زادت وتيرة الاحتطاب عالمياً بسبب استخدام الحطب والفحم النباتي في التدفئة والطبخ المنزلي، واستخدام التقنيات الحديثة في قطع الأشجار، مثل المناشير الآلية، والبحث عن العائد الاقتصادي من تسويق وبيع الحطب، بجانب ضعف الرقابة وعدم وجود قوانين صارمة.
الاحتطاب
مخاطر الاحتطاب
يتسبب قطع الأشجار أو الاحتطاب في حدوث مخاطر بيئية ومناخية عديدة؛ منها اختفاء الغطاء النباتي، وانجراف التربة السطحية وفقد خصوبتها، وزيادة مساحة التصحر وزحف الرمال، ومن ثم زيادة العواصف الرملية والغبارية. ونتيجةً لتعرية التربة ترتفع مخاطر السيول والفيضانات.
ويؤدي الاحتطاب الى انخفاض إنتاجية الأراضي والتأثير على النظم البيئية المرتبطة بالأشجار، وفقدان الكائنات الحية التي تعيش في بيئتها الطبيعية وسط الشحر؛ ما يهدد التنوع البيولوجي، كما أن تدهور الغطاء النباتي يُفاقِم التغيرات المناخية نتيجة زيادة إطلاق ثاني أكسيد الكربون وملوثات الهواء في الغلاف الجوي، والحد من إنتاج الأكسجين.
ويمتد تأثير الاحتطاب إلى مخزون المياه الجوفية السطحية، الذي يتكون من تسرب الأمطار إلى أعماق التربة، لكن نتيجة عدم وجود غطاء نباتي يسمح بتسرب المياه، ينخفض مخزون المياه الجوفية السطحية، وبالطبع كل ذلك يؤدي إلى آثار اقتصادية وتنموية واجتماعية وصحية.
الاحتطاب
مواجهة الاحتطاب في المملكة
الغطاء النباتي الطبيعي أو الموجود داخل البيئات الطبيعية السعودية مثل الجبال والصحاري والسواحل والأودية، ينقسم إلى قسمين: المراعي ومساحتها تُعادِل نحو 73% من مساحة البلاد، بينما تمثل الغابات 1.35%.
تعمل السعودية منذ سنوات على القضاء على الاحتطاب الجائر ورفع نسبة الغطاء النباتي، وتنوعت جهود المملكة لمواجهة تلك الممارسة الضارة، بين سن القوانين الجديدة، وتغليظ المخالفات والغرامات للحفاظ على الغطاء النباتي، مع التوسع في زراعة أشجار جديدة عبر تبني مبادرات واستراتيجيات للحد من الاحتطاب وتنظيم الرعي، وإيجاد حلول فعالة لمواجهة التحديات البيئية وخفض الانبعاثات الكربونية.
الاحتطاب
المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر
أنشأت المملكة المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بهدف الإشراف على إدارة أراضي المراعي والغابات والمتنزهات الوطنية وتنمية مواقع الغطاء النباتي وحمايتها والرقابة عليها، والكشف عن أي تعديات عليه، ومكافحة الاحتطاب والتصحر. وتتمثل مهام المركز ومسؤولياته الرئيسية في حماية وتنمية الغابات والمراعي والمتنزهات الوطنية واستدامتها، وإعادة تأهيل الغطاء النباتي والتشجير.
ويدير المركز عدة مبادرات لإعادة تشجير المواقع التي تعرضت لقطع الأشجار بشكل كبير، منها مبادرة الإدارة والتنمية المستدامة للغابات بحلول عام 2030، مِن خلال زراعة 60 مليون شجرة محلية، وإعادة تأهيل 348000 هكتار من مناطق الغابات والوديان، بجانب مبادرات إشراك القطاعين العام والخاص في تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بهدف التعاون مع كيانات القطاعين العام والخاص، عبر إطلاق برامج لزراعة وحماية 58 مليون شجرة محلية في المناطق الخاضعة لهذه القطاعات.
الاحتطاب
عقوبات الاحتطاب
قطع الأشجار سواء بغرض البيع أو الاستخدام، يُعتبَر مخالفة لنظام البيئة ولائحة الاحتطاب، ويقتضي فرض الغرامات، وقد تتضاعف العقوبة إذا تكررت المخالفة مع إلزام المخالف بإصلاح الأضرار.
ويلعب المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر دوراً مهماً في مكافحة ظاهرة الاحتطاب والقضاء عليها بجانب تجفيف أسواق بيع الحطب المحلي، عبر الجولات التفتيشية التي تقوم بها فِرَق الرقابة التابعة للمركز على الغابات والمراعي والمتنزهات الوطنية، بهدف مواجهة السلوكيات الضارة التي تؤدي إلى تدهور النظام البيئي، وارتفاع مساحة التصحر.
الاحتطاب
مبادرة السعودية الخضراء
ولتغطية خسائر الاحتطاب والتصحر، تسعى رؤية السعودية 2030 إلى زيادة المساحات الخضراء، وزراعة الشجيرات والأشجار المهددة بالانقراض، التي تعرضت للاحتطاب والرعي الجائر والإزالة، للوصول إلى مستقبل أكثر استدامة.
وفي إطار خطة عمل شاملة لضمان تحقيق هدف المبادرة، تشمل زراعة 10 مليارات شجرة بشكل مستدام في جميع أنحاء المملكة، سيتم تطبيق عدد من مبادرات التشجير، مع الاهتمام بتنمية الوعي المجتمعي حول الأشجار، وتحقيق المشاركة الاجتماعية في استزراع الغطاء النباتي.
الاحتطاب
تتبنى مبادرة السعودية الخضراء استراتيجية لاستعادة المساحات الطبيعية الخضراء ومكافحة التصحر والقضاء على الاحتطاب، من خلال عدة مبادرات؛ منها مبادرة الحفاظ على الغطاء النباتي وإعادة تأهيله في المراعي من أجل الحفاظ على 8 ملايين هكتار من المراعي عبر 26 موقعاً، والمساهمة في حملة "لنجعلها خضراء" عبر زراعة 6 ملايين شجرة وري هذه المساحات الخضراء باستخدام المياه الرمادية المعالجة، ومبادرة زراعة أشجار المانجروف للحفاظ على استقرار النظم البيئية البحرية ومنع تآكل التربة.
ومنذ عام 2021، بدأت مبادرة السعودية الخضراء تؤتي ثمارها، ونجحت حتى الآن في زراعة 50 مليون شجرة واستصلاح 94 ألف هكتار، بجانب 250 ألف شتلة تم إنتاجها في مشاتل العلا. كل هذه النتائج الإيجابية تساعد في القضاء على الاحتطاب وتدهور الأراضي وزحف التصحر.