لا تتوقف دعوات تبادل الإفطار بين العائلات والأقارب والأصدقاء خلال شهر رمضان، وهي من العادات المحببة التي يحرص عليها الجميع، لكننا في "جرين بالعربي" نريد أن نطرح عليك سؤالاً: لماذا دعوات الإفطار فقط؟ ولماذا لا تكون أكثر انفتاحاً على دعوات السحور أيضًا؟
في هذا التقرير نقدم لكم 4 أسباب تجعل نزهتك للسحور أكثر استدامة وصداقة للمناخ من الإفطار:
الابتعاد عن ساعات الذروة وتقليل تلوث الهواء
الوقت الذي يسبق موعد الإفطار هو من أكثر الأوقات ازدحاماً؛ فالكل يريد أن يصل إلى وجهته قبل أذان المغرب؛ حيث تتكدس وسائل النقل العامة والخاصة في الطرقات، ويؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة العوادم والانبعاثات الكربونية الناتجة عن الوقود الأحفوري؛ حيث يستهلك قطاع النقل 28% من إجمالي استهلاك الطاقة بالعالم، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.
وفي هذه الأجواء ترتفع نسبة تلوث الهواء، الذي يعتبر أكبر تهديد للصحة العامة ويخفض متوسط عمر الفرد قرابة عامين، حسب تقرير معهد سياسات الطاقة بجامعة شيكاغو الأمريكية.
أما قبل موعد السحور، فتعتبر الأجواء هادئة نسبياً وغير مزدحمة مع هواء أكثر نقاءً، كما أن القيادة في شوارع غير مزدحمة يقلل من استخدام دواسة الوقود والفرامل، ومن ثم تنخفض نسبة الوقود المستهلكة والغازات المنبعثة؛ ما يحافظ على صحتك وعلى سلامة البيئة.
وجبة السحور المستدامة
قد يكون من المستحيل تقديم مائدة الإفطار للضيوف دون أطباق معينة، تعتبر في أغلبها صاحبة بصمة كربونية مرتفعة. على سبيل المثال، أكثر الأطباق حضوراً على المائدة الرمضانية العربية هي اللحوم ومنتجاتها، التي تعد مسؤولة عن نسبة كبيرة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية. وحسب المجلس الأمريكي للعلوم والصحة، 1 كجم من اللحم البقري ينتج في المتوسط 40.2 كجم من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، بينما يوفر 3320 سعراً حرارياً و144 جراماً من البروتين.
ومن الأطباق الرئيسية أيضاً الأرز. والمشكلة البيئية لهذه الوجبة الشهية مضاعفة، ولا تتوقف عند حد إنتاج الانبعاثات الضارة، لكن محصول الأرز نفسه أيضاً مهدد بالانقراض بسبب التغيرات المناخية.
أما السحور فهو وجبة أكثر استدامة، تعتمد في الغالب على البقوليات والخضراوات والفاكهة، وكلها ذات بصمة كربونية منخفضة إذا تمت مقارنتها بالإفطار.
وبمقارنة بسيطة بين البصمة الكربونية للحوم والفول، نجد أن 1 كجم من الفول ينتج نحو 0.8 كجم من انبعاثات الكربون، بينما يوفر 3410 سعرات حرارية و216 جراماً من البروتين.
ومن ثم فإن طبق الفول يقلل انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة تتعدى 75% في النظام الغذائي، بينما يمد الجسم بكمية سعرات وبروتين أكبر من قطعة اللحم البقري، وفقاً للمجلس الأمريكي للعلوم والصحة، وحتى يكتمل نظامك المناخي في السحور يمكنك تقليل منتجات الألبان أو اعتماد بدائلها، مثل حليب الصويا أو اللوز حتى تصل الى أقل بصمة كربونية ممكنة
تقليل ساعات الطهي واستهلاك الطاقة
إعداد وجبة السحور في المنزل يستهلك وقتاً أقل بكثير من إعداد وجبة الإفطار، التي تحتاج إلى ساعات ليتم طهيها جيداً وبشكل صحي؛ ما يعني أن السحور أقل استهلاكاً لموارد الطاقة المستخدمة في مواقد الغاز وفي أدوات الطبخ الكهربائية، ومن ثم فإنه مسؤول عن كمية أقل من الانبعاثات الكربونية التي تفاقم آثار التغير المناخي.
وأيضاً تقليل ساعات الطهي أثناء تحضير السحور، على عكس الإفطار، يخفض نسبة ملوثات الهواء المنبعثة من استخدام مواقد الغاز، ومن ثم يقلل فرص الإصابة بالأمراض أو تسرب مواد كيميائية ضارة بالصحة والمناخ
خفض النفايات وانبعاثات التعبئة والتوزيع
نوعية الغذاء التي يتناولها الصائمون على وجبة السحور يمكن إعادة تدويرها بسهولة مقارنة بمكونات وجبة الإفطار الأكثر عرضة للتلف، التي ينتهي بها الأمر في مكب النفايات؛ ما يساهم في زيادة إطلاق غاز الميثان، الذي يعد أقوى بنحو 80 مرة من ثاني أكسيد الكربون في حبس الحرارة بالغلاف الجوي للأرض خلال السنوات الأولى بعد انبعاثه.
أما مكونات السحور مثل البقوليات فلديها عمر افتراضي طويل يخفض كمية الهدر، كما يمكن بسهولة إعادة تدوير بقايا الطعام مثل تحويل بقايا الخضراوات إلى طبق مخلل
وتستطيع ربة المنزل إعداد أكواب الزبادي، مع تجنب العبوات البلاستيكية؛ ما يخفض نفايات البلاستيك، التي تُرهق جميع الكائنات براً وبحراً، بالإضافة إلى أن إعداد المنتجات بالمنزل يقلل انبعاثات مرحلة التعبئة والتوزيع من التاجر إلى المستهلك، ويحافظ على موارد البيئة، كما يعتبر اختياراً بيئياً؛ حيث أشارت أبحاث حديثة أجريت في الاتحاد الأوروبي، إلى أن أكبر قدر من هدر الطعام يأتي من العائلات التي تعتمد على شراء جميع منتجات البقالة من محلات السوبر ماركت الكبيرة، ولا تعتمد على المحال المحلية أو الصناعة المنزلية، حسب ما نقلته صحيفة الجارديان.
شاركنا برأيك.. هل ما زالت تفضل دعوة الإفطار؟ أم سوف تدعم البيئة وتنتقل إلى "محبي دعوات السحور المستدام"؟