التغيرات المناخية تعصف بالنحل.. هل ينقذ بنك الملكات الموقف؟


فيروز ياسر
الاحد 07 مايو 2023 | 01:37 مساءً
تغيُّر أنماط الطقس يعطِّل وصول النحل إلى مصادر الغذاء - مشاع إبداعي
تغيُّر أنماط الطقس يعطِّل وصول النحل إلى مصادر الغذاء - مشاع إبداعي

إن اختزل البشر مهامَّ النحل في توفير العسل، فهم لا يدركون حقًّا أهميته للبيئة؛ فعلاوة على مهمته الغذائية، فهو من أهم وسائل تلقيح المحاصيل والحفاظ على النظام البيئي.. فهل تخيلت يوماً كيف سيكون العالم بدونه؟

إذا لم تتم السيطرة على التغيرات المناخية فإن النحل مهدد بالأمراض وانخفاض أعداده عالمياً، وهذا ما توصَّل إليه الباحثون في سبيل محاولتهم السيطرة على الأزمة.

تغيُّر أنماط الطقس يعطِّل وصول النحل إلى مصادر الغذاء، كما يكون من الصعب العثور على الرحيق وحبوب اللقاح؛ فارتفاع درجات الحرارة يسبب مستويات كبيرة من الإجهاد لتلك الحشرة النافعة فتنخفض الصحة الإنجابية وترتفع معدلات النفوق.

كما أن زيادة مستويات الطفيليات في البيئة ونشاط بعض البكتيريا والفيروسات، تجعل النحل عرضة للأمراض بالتزامن مع التغير في أنماط هطول الأمطار وزيادة الجفاف؛ وذلك حسبما ذكر موقع "The Green Living".

أمراض النحل وانخفاض متوسط أعمارها

على الرغم من أن متوسط عمر النحلة الواحدة يجب أن يكون من 5-7 سنوات، ومعدل الخسارة السنوي في الأعداد ما بين 10-15%، فإنه خلال الـ15 عاماً الماضية، ارتفع معدل فقدان النحل بالمستعمرات في الشتاء إلى 40%؛ وذلك حسبما ذكر موقع "dvm360".

يعتبر "الحضنة الأمريكية" من أكثر الأمراض تدميراً لنحل العسل؛ فهو مرض بكتيري شديد الخطورة ينتقل من مستعمرة إلى أخرى، ويتفشى بسرعة، وقد لا يكون له علاج، ولا تؤثر فيه المضادات الحيوية. وللسيطرة على الوضع، يقول الباحثون من جامعة "غويلف" الكندية إنه يجب جعل الملكة مُحصنة من خلال وضع اللقاحات والعلاجات في طعامها لتتم السيطرة على الوضع.

فقد مربو النحل اليمنيون 150 خلية نحل العام الماضي، و200 خلية هذا العام بسبب الجفاف، ومن ثم فإن الظروف المناخية السيئة لها عواقب وخيمة

اضطراب في إنتاج عسل النحل

يوجد في غزة موسم واحد فقط لإنتاج العسل، يبدأ مع بداية الطقس الأكثر دفئاً في شهر مارس، ويستمر حتى الأسبوع الأول من شهر مايو، لكن بسبب استمرار برودة الطقس العام الماضي، وزيادة هطول الأمطار حتى أبريل 2022، ثم ارتفاع درجات الحرارة فجأةً، انخفض إنتاج العسل بمقدار النصف.

هذا الاضطراب أثر على ازدهار العديد من بساتين الحمضيات والمحاصيل، فيما لم يجد النحل الكثير من الزهور لجمع الرحيق؛ وذلك وفقاً لما ذكره موقع "The National News".

الأمر نفسه ينطبق على النحل في اليمن؛ حيث يعتبر عسل النحل اليمني من أغلى وأجود أنواع العسل في العالم، لكن تأثرت تربيته بالتغيرات المناخية الحالية؛ فاستمرار الأمطار يجعل النحل غير قادر على مغادرة الخلية، وهذا بدوره له تأثير سلبي على الأمن الغذائي باليمن.

فقد مربو النحل اليمنيون 150 خلية نحل العام الماضي، و200 خلية هذا العام بسبب الجفاف، ومن ثم فإن الظروف المناخية السيئة لها عواقب وخيمة؛ وذلك وفقاً لـ"مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي".

لاحتواء أزمة إنتاج عسل النحل والسيطرة على الأمن الغذائي واستمرار عملية التلقيح، فإن النحَّالين أنفقوا المزيد من المال على علاج أمراض النحل ومحاربة الآفات

الأمن الغذائي في خطر وتحديات تواجه النحَّالين

يعتمد ثلث المحاصيل الزراعية على التلقيح، والنحل له دور أساسي في ذلك لإنتاج المزيد من الثمار. والتدهور في صحة وأعداد النحل تسبَّب في "أزمة التلقيح"؛ فهل يمكن أن تنخفض المحاصيل العالمية بشكل يُعرِّض السكان لتهديد الأمن الغذائي؟

ليس هذا فقط، بل لاحتواء أزمة إنتاج عسل النحل والسيطرة على الأمن الغذائي واستمرار عملية التلقيح، فإن النحَّالين أنفقوا المزيد من المال على علاج أمراض النحل ومحاربة الآفات، كما تكبَّدوا خسائر انخفاض الإنتاج السنوي من العسل.

طريقة لإنقاذ النحل

مستعمرات النحل تعتمد على الملكات، وفق دراسة أمريكية جديدة وجدت أحد الحلول للحفاظ على النحل في درجات حرارة مناسبة يتم التحكم فيها.

"بنك الملكات" المبرد هو مساكن يمكن التحكم في درجة حرارتها؛ حيث قارن العلماء من جامعة "واشنطن" معدلات بقاء النحل داخل المساكن في درجة حرارة 15 درجة مئوية، واحتفظوا بأعداد أخرى في الهواء الطلق بالصيف؛ حيث تصل درجة الحرارة إلى 42 درجة مئوية.

تمت هذه التجربة في شمال كاليفورنيا، واكتشف الباحثون أن 78% من ملكات النحل عاشت داخل الحاوية الباردة لمدة 6 أسابيع واحتاجت إلى رعاية أقل مقارنةً بـ62% من اللاتي كُن في الهواء الطلق؛ وذلك وفقاً لموقع "بلومبرغ".

هذه التجربة يمكن أن تساعد في تحسين تربية النحل بأمريكا؛ حيث يسعى العلماء إلى مواجهة آثار فقدان الموائل والظروف المناخية على النحل البري، خصوصاً "النحل الطنان"؛ وذلك بعد أن فقد النحَّالون بالولايات المتحدة الأمريكية ما يُقدر بنحو 39٪ من خلايا نحل العسل على مدار الـ12 شهراً الماضية.