قائمة طويلة من العوامل تتحكم في اختيارنا للأطعمة التي نتناولها كالمذاق، والقيمة الغذائية، والسعر، لكن الأثر البيئي الذي يحدثه كل نوع من أنواع هذه الأطعمة بات كذلك أحد المعايير التي لابد وضعها في الاعتبار.
إحدى الأطعمة التي دائماً ما يثير تناولها جدلاً بيئياً هي الدواجن، فأنصار النظام الغذائي النباتي يرون أنها تساهم بقدر لا يستهان به من التدهور الذي طال الأرض، بينما يعتقد آخرون أنه يمكن أن تكون جزءاً من نظام غذائي صديق للبيئة، أو محدود الأضرار على الأقل، في ظل صعوبة إقناع المزيد من البشر بالتخلي تماماً عن اللحوم.
بريان كاتمان، المؤسس المشارك في منظمة "Reducetarian"، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى تقليل استهلاك المنتجات الحيوانية، يدافع عن فكرة التدريج في تنفيذ هذا الهدف، وينتقد التمسك بالأفكار المثالية حول التخلي عن تلك المنتجات لأنها "منفصلة تماماً عن الواقع"، حسبما نقل موقع "The Atlantic".
في تصريحات للموقع، اقترح "كاتمان" بأن يقوم العالم- على سبيل المثال- بخفض عدد الحيوانات التي نذبحها من أجل الغذاء بنسبة 1%، ورغم محدودية تلك النسبة إلا أنها أفضل، بحسب رأيه، من ارتفاع العدد.
الدجاج Vs اللحم البقري
دائماً ما يشير أنصار النظام المعتمد على الدجاج إلى انخفاض إجمالي غازات الدفيئة التي يسببها إنتاجها مقارنة بأنواع أخرى من اللحوم، فكل 100 جرام من البروتين الذي نحصل عليه من الدجاج يتسبب في بصمة كربونية أقل بفارق 9 مرات مقارنة باللحم البقري، بحسب إحصائيات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية "BBC".
في دراسة أمريكية نشرتها دورية "The American Journal of Clinical Nutrition" عام 2022، خلص الباحثون أن استبدال الحصة اليومية من اللحم البقري بالدجاج سيؤدي إلى انخفاض إجمالي انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن النظام الغذائي الذي يتبعونه بما يقرب من 50%، وخفض الأثر البيئي لاستهلاك المياه لذلك النظام بفارق 30%.
أضرار بيئية
على الجانب الآخر، يرى رافضو ذلك النظام أن الأضرار التي يتسبب بها إنتاج الدواجن يفوق مسألة الانبعاثات الكربونية، بل تمتد لتشمل آثار أخرى كأنشطة إزالة الغابات وتجريف الأراضي.
إحدى شركات الأغذية العالمية في البرازيل، والتي تقوم بتصدير منتجاتها إلى مناطق مختلفة من العالم، واجهت اتهاماً بأن حبوب الصويا والذرة المستخدمة في علف الدواجن التي تنتجها ترتبط بأنشطة إزالة الغابات في منطقة الأمازون، بحسب تحقيق مشترك أجرته موقع "Reporter Brazil"، ومنصة "AGtivist.agency" المعروفة سابقاً بـ"EcoStorm".
شركة عالمية أخرى اضطرت إلى استخدام ما يزيد عن 3 مليون فدان لزراعة حبوب الصويا لتوفير العلف لما يقرب من 2 مليار دجاجة تعمل على تربيتها، بحسب إحصاء نشره مجموعة اتحاد العلماء المعنيين بتغير المناخ.
طرق طهي مختلفة
هناك جانب آخر يشير إليه البعض، وهي أن الأزمة تكمن في معدل الاستهلاك المفرط للدجاج، وما يتطلبه من ممارسات تضر بالبيئة، وتنتهك حقوق هذا الكائن الصغير الحجم الذي تتكدس أعداد كبيرة منه داخل أقفاص، علاوة كذلك على طريقة الاستهلاك نفسها.
ويقترب عدد الدجاج التي تربيها دول العالم وتقوم بذبحها سنوياً من 75 مليار دجاجة، بمعدل يقترب من 10 دجاجات لكل فرد من سكان الأرض سنوياً، بحسب موقع "Our World in data" للإحصائيات.
ترى الصحفية إيف أندروز، في تقرير نشره موقع The Atlantic، إن التفضيلات الثقافية لأجزاء بعينها من جسد الدجاج قللت الاستفادة التي نحصل عليها من إنتاج الدجاجة الواحدة، في وقت يجب علينا تقليل الاستهلاك إذا ما أردنا أن نضمن ذلك النوع من الطعام ضمن نظام غذائي صديق للمناخ.
هناك فائدة أخرى يمكن الحصول عليها من الأجزاء الأقل شعبية من الدجاج، حال تمكننا من التخلي عن تناولها، وهي تحسين نكهة الأطعمة النباتية الصديقة للبيئة.
في تصريح للموقع، يقول الكاتب المتخصص في فنون الطهي ديفيد تاماركين إنه لم يفكر قط في الدجاج كطبق طعام رئيسي، بل يمكن، على سبيل المثال، طهي أرجل الدجاج في حساء الفاصوليا البيضاء التي تحتل المساحة الأكبر من الطبق، لكنها تحصل على نكهتها من مرق الدجاج وعظامه.