بعد مسيرة صحفية حافلة بالإنجازات، رحل عن عالمنا الصحفي المصري أحمد شوقي العطار، إثر أزمة صحية، بعد أن ساهم بجهود كبيرة؛ ليس فقط في رفع الوعي بقضايا التغيرات المناخية عبر قائمة طويلة من الموضوعات الصحفية المنشورة في عدد من المنصات العربية، بل كان له دور كذلك في تعزيز قدرات الإعلاميين المنضمين إلى مجال التواصل العلمي.
في عام 2021، أسس "العطار" منصة "أوزون" المتخصصة بقضايا البيئة والتغير المناخي، وتولَّى حتى رحيله منصب رئيس تحرير المنصة، كما كان عضواً في شبكة الصحفيين الدوليين التي ساهم من خلالها في إعداد ما يقرب من 60 دليلاً إرشادياً وموضوعاً حول قضايا الإعلام المناخي والبيئي.
التنوع الشديد كان سمة الموضوعات التي أنتجها الصحفي الاستقصائي على مدار سنوات عمله بالشأن البيئي، لكن قضايا البلدان النامية والفئات الهشة دائماً ما احتلت مكانة هامة منها، كما يحظى بتقدير كبير في الوسط الصحفي، الذي أصيب بصدمة كبيرة بعد خبر الوفاة المفاجئ.
العنصر الإنساني هو البطل
الأكثر قراءة
أحد الموضوعات البارزة التي أعدَّها قبل رحيله بعدة أشهر، ونشرتها منصة "أوزون"، كان تحقيقاً معززاً بالبيانات حول التهديدات التي تحيط بمنطقة الدلتا المصرية من جراء ارتفاع مستوى سطح البحر، وتملُّح التربة، واعتمد على الجمع بين العنصرين الإنساني والبحثي لتوضيح الخطر.
وتضمن الموضوع عرض نموذج لمعاناة أحد المزارعين من وصول الأملاح إلى أرضه، ودعمه ببيانات علمية من مصادر موثقة؛ من بينها بيانات وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، لينقل كيف يمكن أن ينتهي عدم الالتزام بالأهداف المناخية إلى غرق ما يزيد عن 20 مدينة مصرية، وزيادة أخطار النزوح.
نجاح "العطار" في مجال التحقيقات الصحفية بدأ قبل تأسيس منصة "أوزون" بزمن طويل؛ فخلال عام 2019 نشرت مجلة "روز اليوسف" تحقيقاً أعده حول التهديدات البيئية التي أحاطت بمنطقة أهرامات الجيزة المصرية بفعل الزحف العمراني العشوائي الذي جرى على مدى عقود طويلة، وما تلاه من نتائج التخلص غير الآمن لمياه الصرف في تلك المناطق؛ حيث طرح تفاصيل خطة تطوير المنطقة التي كشفت عنها مصادر حكومية آنذاك.
"العطار" استعان بمصادر متخصصة تُفسِّر الطبيعة المختلفة للتربة في منطقة هضبة الأهرامات، المُكوَّنة في الأساس من الحجر الجيري؛ ما يزيد خطورة الأمر حين يتفاعل مع المياه أو غاز ثاني أكسيد الكربون.
بعد عام واحد من إثارة القضية، حصل "العطار" في 2020 على جائزة الصحافة المصرية عن التحقيق الذي حمل اسم "الصرف تحت هضبة الهرم"، لتكون المرة الثانية التي يحصل فيها على تلك الجائزة بعد عام 2015.
المصادر المتخصصة كانت عنصراً هاماً في موضوعات الصحفي أحمد العطار، فكان أشهر من حاوره الدبلوماسي الشهير روبرت فان ليروب صاحب فكرة تأسيس صندوق لتعويضات الخسائر والأضرار، وأول من أسس تحالف الدول الجزرية الصغيرة.
وشمل الحوار الذي نشرته صحيفة "العين" الإخبارية، كيف ساهم التاريخ العائلي للمحامي الأمريكي الذي تعود أصول والديه إلى مناطق وقعت تحت الاستعمار الأمريكي والهولندي في اهتمامه بحقوق البلدان المستعمرة.
إفريقيا لم تَغِبْ
شؤون القارة الإفريقية الأكثر هشاشةً في مواجهة التغيرات المناخية رغم مساهمتها المحدودة في الأزمة؛ كان لها نصيب كذلك من موضوعات "العطار"؛ إذ تناولت إحداها الانتهاكات الجنسية التي تتعرض لها النساء الفقيرات للحصول على المياه، وكيف يتعرَّضن للابتزاز والتهديد بنشر صور غير لائقة لهن؛ لإرغامهن على إبقاء تلك الجرائم في طي الكتمان.
تبسيط المعلومات
هناك سمة أخرى حرص عليها "العطار"، وهو شرح القضايا البيئية البارزة، وتفسير القرارات الدولية المتعلقة بتغير المناخ، وتبعات تلك القرارات على البلدان المختلفة.
وتشمل الأمثلة على هذا الاتجاه تغطيته قضية صندوق الخسائر والأضرار، والدول العربية المستحقة للحصول على تعويضات، وكذلك قرار الأمم المتحدة بإمكانية استشارة محكمة العدل الدولية فيما يخص تغير المناخ وحقوق الإنسان؛ حيث روى كيف بدأت الفكرة الأخيرة في إحدى جامعات دولة "فيجي" الواقعة في المحيط الهادئ.