كانت الزهور ولا تزال هي رمز الحياة المنحوتة على جدران المعابد الأثرية، ورائحة السعادة في البيوت والشوارع، ورسائل العشاق غير المكتوبة، واللغة العالمية التي لا تحتاج إلى ترجمة.
وتعيش الزهور في وجدان وثقافة العرب، لكن بعضها بدأ يئن، وقد يموت ويختفي من أراضينا في المستقبل؛ إذ ذكرت دراسة صادرة عن جامعة أكسفورد البريطانية أن جهود الحفاظ على النباتات العالمية، ما زالت تتخلف عن جهود الحفاظ على الحيوانات؛ لذلك تبرز المخاوف من انقراض النباتات.
وبحسب تصنيفات الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة "IUCN"، هناك 6 أنواع من الزهور باتت هي الأكثر عرضةً لخطر الانقراض، وهي:
1- زنبق الماء المصري الأبيض أو نيلوفر اللوتس
نبات مائي معمر ذو جذور عميقة ينبت في المياه الراكدة، كان يمثل رمز الخلق الذي يحاكي الموت والحياة في الحضارة المصرية القديمة، حيث تتفتح أزهاره في الليل وتغلق في الصباح؛ ولذلك نُقِش على مقابر القدماء المصريين.
ويتميَّز النبات بساق أملس يطول حسب عمق الماء، وأزهاره بيضاء كبيرة الحجم؛ حيث كان شكلها ملهماً للمصري القديم في تصميم وعمارة أعمدة المعابد الشهيرة.
ويعيش نبات اللوتس في الموائل المائية التي تتميز بالرواسب والمواد العضوية مع انخفاض درجة حموضة الماء، ويوجد في الجزائر وموريتانيا والصومال والسودان، وفي دلتا النيل المصرية.
وكانت الزهرة منتشرة في السابق، أما اليوم فباتت مهددة بالانقراض بسبب تعرض موائلها للتدمير من خلال تناوب المحاصيل والممارسات الزراعية الأخرى الضارة التي تحد من انتشار هذه الزهور العتيقة.
2- السوسنة السوداء "Black Iris"
من الزهور النادرة التي يقتصر وجودها على وسط الأردن؛ لذلك تم اتخاذها رمزاً وطنياً في المملكة الأردنية للإشارة إلى مكانة الحياة البرية والتنوع الحيوي في البلاد، وتتميز بقِصَر عمرها الموسمي نتيجة قلة هطول الأمطار في الموسم الشتوي، وتبدأ أزهار السوسن البري بالظهور مع فصل الربيع.
وأُطلق عليها هذا الاسم بسبب لونها القريب من الأسود البنفسجي الذي تتخذه في بداية نموها، وتزدهر في الحقول البور والسهوب.
وتشهد أعداد هذه الزهرة النادرة انخفاضاً منذ سنوات بسبب التغييرات في إدارة الحقول الزراعية، وانتشار الرعي والتوسع الحضري وإنشاء مدن مترامية الأطراف في وسط الأردن، ما أدى إلى فقدان الموائل وتدهور جودتها.
ويُقدر إجمالي أعدادها بنحو 5000 زهرة، ومن المتوقع أن ينخفض هذا العدد بنسبة 50% خلال الـ60 أو الـ70 عاماً القادمة، حسب آخر إحصاء من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة. ومن أجل الحفاظ على الزهرة، يجمعها الأردنيون لزراعتها في الحدائق العامة والخاصة، لكن معدل نجاح التكاثر ما زال منخفضاً جداً.
3- زهور دوفالياندرا
نوع نادر جداً من نبات الدفلى، ولا يوجد هذا النبات العصاري الصغير إلا في منطقة واحدة صغيرة للغاية على ارتفاع 900 متر من سطح البحر، وداخل نتوء من الجرانيت في الجبال الوسطى الرطبة بجزيرة سقطرى اليمنية المطلة على المحيط الهندي.
ونظراً إلى شعبيته العالمية باعتباره نباتاً نادراً، إضافةً إلى سهولة الوصول إلى الموقع الوحيد الذي يستوطنه، فقد أدرجه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في قائمة النباتات المهددة بشدة بالانقراض بالتزامن مع ملاحظة انخفاض أعداده بالجزيرة خلال الـ50 عاماً الماضية.
4- زهور الكندر أو البوسويليا
هي الأزهار الوردية التي تزين أشجار البوسويليا، التي تُنتج البخور، وتستخدم في الاحتفالات الدينية والطب، وتستوطن جزيرة سقطرى اليمنية؛ حيث تنمو على الصخور والمنحدرات. ويُعَد أحد التلال المليئة بأشجار وزهور البوسويليا الكاملة من أكثر المعالم السياحية زيارةً في الجزيرة.
وباتت هذه النباتات الجميلة عرضةً للخطر، وتعاني من التوزيع المجزأ وعدم القدرة على التكاثر في البرية؛ ما يشير بقوة إلى الانخفاض في جودة بيئتها وموائلها؛ لذلك تحتاج إلى جهود للحفاظ عليها في الطبيعة.
5- زهور البيلسان
تعد من النباتات المزهرة، وتمتاز بجمال شكلها ورائحتها العطرة التي تجذب الفراشات والطيور إلى أزهارها الصغيرة ذات اللونين الأبيض أو الأصفر، وتبدأ في الإزهار مع بداية فصل الصيف؛ حيث تنمو في تربة متوسطة ليست رطبة جداً ولا جافة.
تنتمي أساساً إلى الإقليم الأوروبي، لكن يمتد نطاق وجودها إلى شمال أفريقيا والعراق، وتعيش في مجموعة واسعة من الموائل؛ منها الغابات والأراضي العشبية، وضفاف الأنهار.
ولا تتعرض أزهار البيلسان عالمياً لتهديد كبير بسبب انتشارها على نطاق شاسع، لكنها قد تكون في مرمى الخطر عربياً؛ فهي أزهار معروفة بفوائدها الطبية والغذائية؛ حيث يتم استخدامها في الطب الشعبي لعلاج نزلات البرد المصحوبة بالحمى والقشعريرة، والتهابات الجهاز التنفسي وتهيج الجلد، إضافة إلى استعمالها في صناعة العصائر والشاي والمربي.
6- عدنة أو وردة الصحراء "desert rose"
واحدة من النباتات المزهرة المعمرة التي يكثر وجودها في المناطق الجبلية وشبه الجبلية في جنوب الصحراء الكبرى وشبه الجزيرة العربية، ويمكن رؤيتها في موريتانيا وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية والصومال والسودان واليمن.
تمتاز بألوان نابضة بالحياة من الأحمر إلى الوردي والأبيض، كما أنها قادرة على الإزهار طوال العام. ورغم جاذبية مظهرها قد تتعرَّض للخطر مستقبلاً نتيجة عدم الإحصاء الكامل لحجم انتشارها وأعدادها أو التهديدات التي قد تواجهها مستقبلاً.