التغيرات المناخية تهدد سباقات الجري بالاختفاء..كيف ننقذ "الماراثونات"؟


إسراء محمد
الاحد 14 يناير 2024 | 07:09 مساءً
تأثير التغير المناخي على المارثون
تأثير التغير المناخي على المارثون

حينما تقرأ عن التغيرات المناخية ستُدرك قدرتها على تغيير جميع مناحي حياتك؛ فهي لن تنال الغذاء والماء والطقس فقط، بل ستتدخل أيضاً في تحديد هواياتك وممارسة رياضتك المفضلة.

ربما تكون سمعت عن المخاطر التي تُهدِّد مستقبل كرة القدم؛ بسبب تعرض بعض الملاعب للغرق نتيجة الفيضانات، لكنها ليست الرياضة الوحيدة التي تواجه تحديات كبيرة بسبب الأزمات المناخية؛ فسباقات الجري أو "الماراثونات" تعاني أيضاً.

زيادة الاحترار تعوق الماراثونات

مع تطرف الظروف الجوية في جميع أنحاء العالم، تتعرَّض سباقات العدو والجري لمسافات طويلة للإلغاء بسبب الحرارة الشديدة والفيضانات المدمرة، ومن المؤسف أنه لم يَعُد مجرد حدث عابر؛ فهناك توقعات بتفاقم الوضع خلال السنوات المقبلة.

ووفقاً لدراسة نُشرت في مجلة "Nature Scientific Reports"، من المحتمل أن تشهد المدن التي تستضيف الماراثون الأولمبي بحلول أواخر القرن الـ21 انخفاضاً في عددها بنسبة 27%؛ بسبب تغير المناخ الذي أدى إلى ارتفاع قياسي في درجات الحرارة صيفاً؛ إذ شهد العالم هذا العام موجات حارة غير مسبوقة.

كيف يمكن إنقاذ الماراثونات؟

وبناءً على ذلك، اقترح مؤلفو الدراسة إقامة الماراثون الأولمبي في شهر أكتوبر ضمن استراتيجية للتكيف مع التغير المناخي، خاصةً أن ارتفاع درجات الحرارة يشكل خطراً كبيراً على عدَّائي المسافات الطويلة؛ حيث يفقد العداءون – وفقاً لمنظمة "Road Runners Club of America" – من 6 أونصات إلى 12 أونصة من السوائل كل 20 دقيقة؛ ما يعرضهم للجفاف، بحسب "ABC News".

مخاطر صحية تواجه محبي الماراثون

الدكتورة "سونيا تولاني" الأستاذة المساعدة في أمراض القلب بالمركز الطبي بجامعة كولومبيا، تؤكد أنه أثناء ممارسة التمارين الرياضية، ترتفع درجة حرارة الجسم الأساسية، ويحتاج الجسم إلى تبريد نفسه، وهو يفعل ذلك عن طريق التعرق، والتبخر هو الآلية الرئيسية للتبريد.

وأضافت: "عندما تتعرق، فإنك تتخلص من الملح، وإذا لم يجدد الأشخاص هذا الملح، فمن الممكن أن يصابوا باختلال توازن الكهارل؛ ما قد يؤدي في بعض الحالات إلى تورم الدماغ"، موضِّحةً أن "الكهارل" معادن توجد في الدم أو عصارة المعدة، وتُمِد الجسم بالعديد من الفوائد المهمة، مثل موازنة كمية المياه في الجسم.

وأشارت "تولاني" إلى أن ضربة الشمس تُعَد مصدر قلق كبير بالنسبة إلى العدائين، خاصةً إذا لم يكونوا قادرين على خفض درجة حرارتهم سريعاً؛ حيث إنهم إذا أخفقوا في ذلك، فسيصبحون عرضةً للإصابة بالصداع، والخفقان، والارتباك، والغثيان، والدوار، وجفاف الجلد.

متى يجب إلغاء أو تأجيل الماراثون؟

وفي ضوء هذه المخاطر الصحية، يواجه منظمو سباقات الماراثون وفعاليات الجري لمسافات طويلة التحدي المتمثل في التعامل مع تأثيرات تغير المناخ، وتحديد إذا ما كانوا سيستمرون في الأحداث أم لا، خاصةً بعد إلغاء ماراثون "توين سيتيز" في ولاية مينيسوتا – الذي يُقام منذ 40 عاماً – للمرة الثانية في 1 أكتوبر 2023؛ بسبب الحرارة الشديدة، بعد إلغائه في عام 2020 بسبب فيروس كورونا (COVID-19).

إضافةً إلى ذلك، أُلغيت سلسلة تدريب "TCS New York City Marathon 18M" في 30 سبتمبر 2023، بسبب الفيضانات الشديدة التي شهدتها نيويورك، وعندما انطلق ماراثون مدينة نيويورك "TCS"، حسبما هو مقرر في عام 2022، شهد المتسابقون يوماً شديد الحرارة أدَّى إلى العديد من الإصابات.

ووفقاً لإرشادات الأمان الصادرة عن "Road Runners Club of America"، يُلغى السباق أو يُؤجَّل إذا تجاوزت نقطة الندى 80 درجة فهرنهايت في وقت بدء السباق.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن مؤشر جودة الهواء (AQI) الذي يتجاوز 50 يدعو إلى اختصار مسافة الماراثون لتقليل وقت التعرض للتلوث، وإذا ارتفع مؤشر جودة الهواء (AQI) فوق 151، توصي الإرشادات بتأجيله أو إلغائه لضمان سلامة المشاركين.

حرائق الغابات.. تحدٍّ كبير

حرائق الغابات يمكن أن تؤثر على السباق بسبب تلويثها للهواء؛ حيث أُلغِي في عام 2018 نصف ماراثون خليج مونتيري؛ بسبب حرائق الغابات المشتعلة في مكان قريب، وتم تأجيل الأحداث الرياضية الأخرى، بما في ذلك مباريات دوري البيسبول والدوري الوطني لكرة القدم للسيدات، بسبب مخاوف بشأن جودة الهواء.

ماراثون الشرق الأوسط

ونالت العديد من السباقات شهرةً كبيرةً في الدول العربية، وهي ليست ببعيدة عن تأثيرات تغير المناخ، خاصةً ماراثون عمان الصحراوي، الذي يُقَام منذ عام 2013، وقُدَّمت منه حتى الآن 7 نسخ، وفي عام 2023 سيقدم مسار مختلف عبر واحدة من أروع الصحاري في العالم بطول 165 كم (ODM)، وسيمر بـ4 مراحل بأطوال 42 كم، و55 كم، و47 كم، و21 كم، وهي رحلة فريدة لاكتشاف الرمال البكر وأعلى الكثبان الرملية في الصحراء العمانية، التي ترتفع فيها درجات الحرارة بشكل كبير؛ ما يؤثر على المشاركين، وفقاً لـ"Marathonoman".

كما يُعَد سباق "Marathon des Sables" المغربي مميزاً للغاية؛ حيث يُطلق في الصحراء، ويجمع بين 5 ماراثونات ونصف في سباق واحد؛ ما يجعله أصعب سباق في العالم؛ إذ يمتد لمسافة نحو 200 ميل (251 كم) على مدى 5 إلى 6 أيام.

وخلاله تحمل كل ما تحتاج تناوله على ظهرك باستثناء الماء خلال الجري عبر قمم الصحراء الكبرى في المغرب تحت حرارة الشمس. وتذهب عائدات هذا الحدث إلى مؤسسة خيرية تساعد في دعم سكان الصحراء، لكنه قد يواجه صعوبة؛ لأنه يُقام في الصحراء؛ حيث الحرارة الحارقة، وفقاً لـ"Greenprophet".