رغم أن نسبة مساهمة العالم العربي في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تحاصر كوكبنا لم تتجاوز الـ5%، إلا أنه من أكثر مناطق العالم تأثراً بالكوارث الطبيعية الناتجة عن تغير المناخ، والتي تتنوع بين موجات الجفاف والفيضانات والأعاصير.. وغيرها من الظواهر المهددة لسبل عيش سكان المنطقة.
وباختلاف الكوارث البيئية التي تعاني منها البلدان العربية، شهدت فعاليات "COP 28" اهتماماً عربياً قوياً لمواجهة تلك الأزمات، عبر قائمة طويلة من المشروعات والمبادرات التي أطلقتها بهدف تعزيز صمود سكانها أمام التهديدات.
دعم الطاقة النظيفة
أحد أبرز الجهود العربية التي شهدها المؤتمر، وشارك بها برنامج الخليج العربي للتنمية "أجفند"، كان إعلان مجموعة التنسيق العربية تخصيص 10 مليارات دولار لدعم التحول إلى الطاقة النظيفة في بلدان العالم النامي، بحسب وكالة الأنباء السعودية "واس".
وإلى جانب "أجفند"، تضم المجموعة عدداً من المؤسسات الإقليمية التنموية مثل صندوق النقد العربي، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والصندوق السعودي للتنمية، وصندوق أبوظبي للتنمية.
هذا الإعلان يعد جزءاً من خطة متعددة الأهداف أبرزها إتاحة الطاقة النظيفة للجميع، وتعزيز مهارات العاملين في هذا القطاع، علاوة على دعم الابتكار لزيادة كفاءة الطاقة وتخزينها، وتوظيف السندات الخضراء لحشد الموارد المالية.
التزامات تاريخية
وخلال الأسبوع الأول من المؤتمر، تخطى عدد الالتزامات الدولية 10 تعهدات وإعلانات، شارك فيها مجموعة من بلدان المنطقة، حيث وقعت 10 دول عربية من بينها الإمارات، وسلطنة عمان، والمغرب، على تعهد بالعمل على مضاعفة استخدام الطاقة المتجددة بفارق 3 مرات بحلول 2030، مع الأخذ في الاعتبار اختلاف الظروف من دولة لأخرى، كما اتفقت على العمل معاً لمضاعفة المعدل السنوي العالمي لكفاءة الطاقة لما يزيد عن 4% سنوياً بحلول التاريخ نفسه، بحسب الموقع الرسمي للمؤتمر.
كما وقعت 11 دولة عربية على إعلان التغير المناخي والصحة، وهو الإعلان الأول من نوعه على مستوى العالم، وشمل تخصيص مليار دولار أمريكي، لمواجهة الأزمة الصحية الناتجة عن تغير المناخ.
إنجازات سعودية
الدول العربية أثبتت حضوراً قوياً خلال العديد من الفعاليات والمبادرات، فالهيدروجين الأخضر الذي يعتبره العالم وقود المستقبل، كان له مكانة خاصة في جناح المملكة العربية السعودية بـ"COP28"، حيث جرى استعراض محرك يعمل بالهيدروجين، من تصميم باحثي شركة "أرامكو".
كما استضاف الجناح فعاليات جلسة نقاش بعنوان "تسريع تبني الهيدروجين النظيف لمواجهة تحدي التغير المناخي" شارك فيه مجموعة من الخبراء، تحدثوا خلاله عن دور هذا النوع الذي لا يلوث البيئة في مواجهة أزمة الاحتباس الحراري، وعن القدرات الهائلة التي تتمتع بها المملكة، وتمكنها من السبق في هذا المجال.
كما أعلن وزير النقل والخدمات اللوجستية السعودي صالح الجاسر، تسريع خطة تشغيل أول قطار يعمل بالهيدروجين في المنطقة.
وخلال النسخة الثالثة من منتدى مبادرة السعودية الخضراء، والتي أطلقها قبل عامين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية، أعلنت المملكة اعتزامها طرح مجموعة من مشروعات الطاقة المتجددة بقدرة 20 جيجاوات في 2024.
وفيما يخص التمويل المناخي، شاركت المملكة مع عدد من الجهات الأخرى في إطلاق مركز تمويل بشأن الطبيعة، وتشمل المبادرة تخصيص ما يصل إلى 3 مليارات دولار أمريكي، لتعزيز المشروعات المناخية المتعلقة بالطبيعة.
جهود إماراتية
أما الإمارات فأعلنت عدة خطوات، خلال المؤتمر، من بينها الإعلان عن صندوق "ألتيرا" لتعزيز التمويل المناخي بقيمة 30 مليار دولار أمريكي، سيخصص 75% منها للخطط المناخية الاستراتيجية، بينما تخصص الـ25% المتبقية لتحفيز تدفق الاستثمار إلى دول الجنوب، بحسب بيان رئاسة المؤتمر.
مبادرة أخرى أطلقها القطاع المصرفي الإماراتي بتوفير تسهيلات تمويلية بقيمة تريليون درهم، أي ما يعادل أكثر من 270 مليار دولار أمريكي بحلول نهاية هذا العقد، من أجل تحقيق عدة أهداف من بينها تعزيز جهود التكيف مع أزمة المناخ، ودعم خطوات الممارسات المستدامة في القطاع المالي.
تعاون "عربي - عربي"
وعلى هامش المؤتمر، وقعت العديد من الاتفاقيات من بينها اتفاق "بحريني - إماراتي" لمشاركة الخبرات وتعزيز مبادرات الطاقة المتجددة في مملكة البحرين، بهدف تحقيق طموحها في الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2060.
مصر تركز على الحد من الميثان
أهم الأنشطة التي ركزت عليها مصر خلال المؤتمر، كانت تعزيز جهود الحد من غاز الميثان الذي يرفع درجة حرارة الأرض بفارق 80 مرة مقارنة بثاني أكسيد الكربون عند احتساب الأثر على مدى 20 عاماً.
وزير البترول والثروة المعدنية المصري المهندس طارق الملا افتتح الجلسة التي نظمها الاتحاد الأوروبي ضمن فعاليات المؤتمر حول "الحد من نسب الميثان"، بمشاركة عدد من ممثلي المنظمات الدولية، بحسب موقع الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.
وأعلن الوزير المصري عن عقد اتفاقية لإعداد خارطة طريق لتقليل انبعاثات غاز الميثان في قطاع الطاقة المصري، بالتعاون مع وكالة التجارة والتنمية الأمريكية "USTDA".