جراء تغير المناخ.. الأطفال النازحون خارج دائرة الاهتمام العالمي


فيروز ياسر
الاثنين 20 نوفمبر 2023 | 04:23 مساءً

يفقد ملايين الأطفال منازلهم على وقع موجات الطقس المتطرف، ليصبح النزوح أمراً إجبارياً يضاعف المخاطر على الأطفال وأسرهم؛ إذ تزداد احتمالات انفصال الصغار عن ذويهم، ومن ثم تعرضهم للاستغلال والاتجار وسوء المعاملة.

ولا يزال الأطفال النازحون بسبب الظواهر المناخية القاسية خارج دائرة الاهتمام العالمي؛ حيث عادةً ما تتجاهل التقارير الدولية تصنيف النازحين وفق الفئة العمرية.

أرقام صادمة

وكشف تقرير حديث لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" عن وجود 43.1 مليون حالة نزوح داخلي للأطفال على مدى 6 سنوات في 44 دولة، بسبب الكوارث المرتبطة بالطقس، أي يواجه 20 ألف طفل يومياً النزوح بسبب كوارث مناخية معظمها الفيضانات والعواصف.

وفق تحليل المنظمة، تعد الصين والفلبين من الدول الأعلى عدداً في نزوح الأطفال الناتج عن الطقس المتطرف. أما أطفال الصومال وجنوب السودان فهم الأكثر تضرراً من الفيضانات.

وبالنسبة إلى دولة ليبيا، فإن أكثر من 16 ألف طفل نزحوا إلى شرق البلاد بعد هبوب عاصفة دانيال المدمرة، ويعاني الأطفال نقص الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم وإمدادات مياه الشرب.

وبحسب البيانات المناخية الحالية، التي أصدرها مركز رصد النزوح الداخلي (عالمي غير حكومي) من المتوقع تهجير ما يقرب من 96 مليون طفل خلال السنوات الثلاثين المُقبلة مع تزايد الظواهر الجوية بفعل التغير المناخي السريع.

ويواجه الأطفال وابلاً من المعاناة أثناء وبعد الكوارث المناخية؛ إذ يقول الطفل الصومالي شكري محمد إبراهيم (10 سنوات) إنه غادر منزله مع عائلته إلى مخيم في العاصمة مقديشو قبل خمسة أشهر بعد معاناة قاسية من موجة الجفاف.

وأوضح شكري، في تصريح لمجلة TIME، أن مقر إقامته في المخيم يفتقر إلى خدمات الصرف الصحي والمياه الصالحة للشرب ويعاني من قلة الطعام، قائلاً: "نحتاج إلى شيء يمكن أن يحمينا من الحر بالنهار والبرد في الليل".

وفي يوليو الماضي، جرفت الفيضانات التي وقعت بالعاصمة الهندية نيودلهي، كوخ عائلة الطفلة غاريما كومار (10 سنوات) ما أدى إلى تغيبها عن المدرسة لمدة شهر، وتعرضها لمضايقات من زملائها بالمدرسة بعد عودتها للانتظام بالتعليم؛ لأنها أصبحت بلا مأوى.

وبعد انحسار مياه الفيضانات بدأت أسرة الطفلة تجدد بناء المنزل الشهر الماضي، لكن والدها أصبح بلا عمل، والدخل اليومي لعمل والدتها بات لا يكفي احتياجاتهم اليومية.

بدورها قالت لورا هيلي اختصاصية الهجرة في منظمة يونيسف، إن عدداً أكبر بكثير من الأطفال سوف يتأثرون في المستقبل، مع استمرار تفاقم آثار تغير المناخ بالعالم.

فجوة التمويل

ووفق تقرير صادر عن منظمات إنقاذ الطفولة ويونيسف، هناك تخاذل في التزامات تمويل الأطفال ضحايا الكوارث المناخية، والدليل على ذلك أن 2.4٪ فقط من صناديق المناخ العالمية الرئيسية تقدم الدعم لهم.

ويسلط التقرير الضوء على نظرة العالم للأطفال على أنهم مجموعة ضعيفة بدلاً من الاعتراف بهم كأصحاب مصلحة؛ إذ تعطي نحو 7٪ فقط من الاستثمارات اعتباراً صريحاً وهادفاً لاحتياجات الفتيات ومشاركتهن.

ولذلك يرى كابيتا بوس مدير منظمة الخطة الدولية في دولة بنغلاديش، أن الاستثمار العاجل هو مفتاح التكيف مع تغير المناخ.

رصد التقرير ذاته، معاناة فتاة مراهقة في دولة زيمبابوي غمرت الفيضانات أنحاء المنطقة التي تعيش بها، وقالت إحداهن إنهن لا يستطعن السباحة عبر الأنهار للوصول إلى المدارس، وكثيراً ما يجب عليهن المشي لمسافة تصل بين 10 كيلومترات إلى 15 كيلومتراً للحصول على التعليم.

وخرج طفل من بنجلاديش عن صمته وكشف أن الكوارث تسببت في فقر العائلات؛ ما أدى إلى زيادة معدل عمالة الأطفال لمساعدة أسرهم.

ودعت المنظمات الأممية المعنية بالطفولة، صناديق المناخ المتعددة الأطراف، ومقدمي التمويل على المستويين الدولي والوطني، إلى التحرك السريع لمعالجة فجوة التكيف بين الأطفال الأكثر ضعفاً المعرضين لمخاطر عالية من جراء تداعيات تغير المناخ.