أضافت النزاعات والأزمات الاقتصادية رقماً جديداً في معادلة معاناة الطبيعة مع ظاهرة الاحتباس الحراري الكونية.
وفي لبنان الذي يعاني من أزمة طاحنة بسبب نقص الوقود، تبقى مواجهة الظلام هي التحدي الأكبر الذي يسعى البلد العربي إلى مواجهته بـ"مولدات الديزل".
قال أحد المعلمين في مدرسة الدار بطرابلس (شمالاً) بشأن أزمة الطاقة في لبنان: "في أغلب الأحيان، كنت أقضي فترة الصباح داخل الفصل الدراسي، منتظراً بهدوء عودة الإنارة؛ لأنني لا أستطيع التدريس في الظلام. أشعر بالضيق تجاه الأطفال الذين لا يريدون شيئاً سوى التعلم، ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟!".
عدو البيئة
الأكثر قراءة
ووفق البنك الدولي، تُصنَّف أزمة الطاقة في لبنان بين أسوأ الأزمات من حيث مستوى المعيشة منذ منتصف القرن التاسع عشر؛ إذ يضطر عدد كبير من السكان إلى البقاء في الظلام، ولا يصل التيار الكهربائي إلى الدولة إلا بشكل متقطع ولمدة ساعة أو ساعتين فقط في اليوم على الأكثر.
ودفعت غلَبة الظلام، الأثرياء من سكان لبنان إلى الاعتماد على الديزل في تشغيل الإنارة بمنازلهم، دون الانتباه إلى خطورة هذا الوقود على البيئة، نقلاً عن "Earth".
بدوره، أشار نجاة عون صليبي أستاذ الكيمياء في الجامعة الأمريكية في بيروت، إلى ارتفاع نسبة التلوث الناجم عن مولدات الديزل بنسبة 300% منذ بداية الأزمة، في محاولة للحصول على الكهرباء، وفق مجلة "لانست".
الآثار السلبية
وعلاوةً على أزمة المناخ، يؤثر ارتفاع معدل استهلاك وقود الديزل على صحة اللبنانيين؛ إذ يرتبط بانتشار أمراض السرطان والرئة والعديد من المشكلات الصحية الأخرى.
وفي الوقت الذي تعمل فيه منظمة Aid Pioneers (غير ربحية، مقرها برلين) في تعزيز التغيير المستدام في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، قامت بزيارة المنظمات الشريكة في لبنان لتقديم العون للشعب اللبناني في الحصول على طاقة نظيفة.
وشاركت المنظمة الألمانية في توفير الرعاية الطبية والتعليمية إلى 100 طفل يُعانون من أمراض عقلية وإعاقات جسدية، وتعجز المراكز اللبنانية عن توفير العلاج والتعليم والرعاية المناسبة للأطفال بسبب انقطاع الكهرباء.
وتُساهِم مُولِّدات الديزل بشكل كبير في أزمة التغير المناخي، باعتباره أحد أنواع الوقود الأحفوري، كما تطلق مركبات عضوية متطايرة وأكسيد النيتروز وغيرها من الملوثات الضارة بالبيئة.
من جانبها، قالت نينا بوسيك مستشارة المناخ السابقة لدى الأمم المتحدة، إن الديزل من أكثر أنواع الوقود تلوثاً للهواء، ومن ثم فإن الجسيمات المنبعثة من مولدات الديزل تؤدي إلى تدهور جودة الهواء المحلي بدرجة كبير؛ ما ينتج عنه آثار صحية خطيرة مثل ارتفاع معدلات الالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية والربو والالتهابات الرئوية، وفق موقع "Earth".
كما تساهم الانبعاثات الصادرة عن محركات الديزل في الإضرار بطبقة الأوزون؛ ما يؤدي إلى إتلاف المحاصيل والأشجار والنباتات الأخرى، من جراء هطول الأمطار الحمضية التي تؤثر على التربة والبحيرات.
ويُضاف إلى ذلك، تدخُّل ملوثات الديزل في السلسلة الغذائية البشرية عن طريق المياه والمنتجات واللحوم والأسماك، بحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية.
حلول نظيفة
ومؤخراً بدأت المنظمة الألمانية Aid Pioneers تدخل في الشراكة مع المنظمات المحلية والشعبية الأخرى في لبنان لتمويل تركيب أنظمة الألواح الشمسية لتوليد الطاقة، التي تعمل على توفير كهرباء نظيفة وفعالة.
كما تكثف المنظمة جهودها من أجل تحفيز التحول إلى شبكة طاقة متجددة بالكامل، وحل التهديد الثلاثي المتمثل في تغير المناخ، وجودة الهواء، وأمن الطاقة في البلد العربي المأزوم.
وعلى عكس مولدات الديزل، تتجدد الطاقة الشمسية أسرع من استهلاكها، وتوجد بعض من الأمثلة النموذجية الأخرى للطاقات المتجددة، مثل طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية.