مترو الأنفاق.. قنابل بيئية مدفونة تحت الأرض


فيروز ياسر
الاربعاء 19 ابريل 2023 | 08:03 مساءً
قياسات جديدة أظهرت أن تركيز الجسيمات الضارة في مترو الأنفاق - مشاع إبداعي
قياسات جديدة أظهرت أن تركيز الجسيمات الضارة في مترو الأنفاق - مشاع إبداعي

مترو الأنفاق من أكثر وسائل النقل العام إستخداماً حول العالم، وبخاصة في المدن الكبيرة لذا يطلق عليها شرايين الحياة للتطوير الحضري، وهي وسيلة نقل منخفضة الكربون مقارنة بالسيارات والحافلات.

لكن المشكلة الحقيقية هي تدهور البيئة الداخلية لمترو الأنفاق بسبب ازدحام الركاب، إذ يبلغ عدد الركاب اليومي في مترو أنفاق بكين وشنغهاي بالصين خلال ساعات الذروة أكثر من 10 ملايين راكب، وبالتالي زيادة خطر التعرض للأمراض الحادة والمزمنة والوبائية، وفق "المكتبة الوطنية للطب" التابعة لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية.

ارتفاع درجات الحرارة بالمترو تحت الأرض تسبب ارتفاع ضغط الدم والإغماء والتشنج الحراري، كما أن الرطوبة المرتفعة تحمل آثارا سلبية على الجلد وبعض الأعضاء الحساسة

الآثار الصحية البيئية لمترو الأنفاق

عزل مساحة مترو الأنفاق عن بيئة الغلاف الجوي يؤدي إلى تراكم الحرارة والرطوبة والمواد الضارة ونقلها بين الركاب، كما أن تدفقات الهواء الناتجة عن حركة القطارات تنشر ملوثات الهواء مما يؤثر بالسلب على الركاب والعمال بالأنفاق.

ارتفاع درجات الحرارة بالمترو تحت الأرض تسبب ارتفاع ضغط الدم والإغماء والتشنج الحراري، كما أن الرطوبة المرتفعة تحمل آثاراً سلبية على الجلد وبعض الأعضاء الحساسة، وفي حالة حدوث انخفاض في الرطوبة يمكن أن تظهر التهابات في العين والأنف.

تؤثر البيئة الحرارية في مترو الأنفاق على صحة البشر، حيث يؤدي تلوث الهواء الداخلي والرطوبة إلى ارتفاع درجة الحرارة في بيئة المترو وحدوث مشكلات صحية عديدة لدى البعض.

مترو الأنفاق الأكثر تلوثا بهذه المدن

قياسات جديدة أجرتها جامعة "كوبنهاغن" بالدنمارك أظهرت أن تركيز الجسيمات الضارة في مترو الأنفاق أعلى من الموجودة على امتداد طريق عادي من 10-20 مرة، حيث يتنفس 80 مليون شخص يستخدمون المترو كل عام هذا الهواء الملوث.

قام باحثون من قسم الكيمياء في جامعة كوبنهاغن، بالتعاون مع جامعة "آرهوس"، للمرة الأولى بقياس تلوث الهواء تحت الأرض في نظام مترو أنفاق "كوبنهاغن"، ووجدا أن تلوث الهواء ناتج عن فرامل وعجلات القطارات والقضبان المصنوعة من الحديد، حيث يؤدي احتكاك القطارات بالقضبان إلى إطلاق جزيئات الحديد في الهواء، والتي تشكل 88% من الجسيمات العالقة، بالإضافة إلى التهوية القليلة في النفق.

نفس المشكلة موجودة في مدن أخرى مثل باريس ولندن، وستوكهولم وبرشلونة وسيول وتورنتو، لكن الباحثين يقولون إن الحل لتخفيف هذه المشكلة هو زيادة التهوية لتقليل تركيز الجزئيات السامة العالقة بالهواء.

الأبواب الزجاجية تفاقم التلوث

مشكلة أخرى في كوريا الجنوبية وهي أن الأبواب الزجاجية التي تفصل منصة الانتظار عن القطار تساعد على عزل الجزيئات في الأنفاق وتقليل التهوية داخل القطار، رغم أنها تعمل على تحسين جودة الهواء في المحطات لكنها تزيد الأمر سوءاً داخل القطارات.

يقول البروفيسور، ماثيو إس جونسون، قائد فريق الدراسة، إنه مترو برشلونة يستخدم أعمدة التهوية المتخصصة في التحكم بالحرارة لخفض تركيز الجسيمات، كما يوجد أنواع مشابهة من أعمدة التهوية في أنفاق "كوبنهاغن" لكنها مخصصة للحرائق وهي قيد التشغيل أيضا لمحاولة السيطرة على الوضع.

المحطات المجاورة للأنفاق النهرية بها تركيزات أعلى بنسبة 80-130% مقارنة بالمحطات التي تبعد عن الأنهار

مترو الأنفاق تحت الأنهار الأسوأ

وجد باحثون في كلية الطب بجامعة نيويورك فارق كبير في جودة الهواء بمحطات مترو الأنفاق تحت الأنهار، حيث تعادل ملوثاته حرائق الغابات أو هدم المباني.

أجرى فريق الباحثين قياسا لعينات جودة الهواء في 54 محطة بمدينة "نيويورك"، ووجدوا أن المحطات المجاورة للأنفاق النهرية بها تركيزات أعلى بنسبة 80-130% مقارنة بالمحطات التي تبعد عن الأنهار، وذلك وفقا لما ذكره موقع "sciencedirect".

لاحظ المؤلف الرئيسي للدراسة، ديفيد لوجيليو، التهوية المحدودة للأنفاق تحت الماء مقارنة بمترو الأنفاق العادي الذي قد يحدث خلاله تبادل للهواء البسيط مع السطح، والذي تم ربطه بأمراض الرئة والقلب وارتفاع مخاطر الوفاة.

مترو الأنفاق بات وسيلة مواصلات أساسية تنقل الملايين عبر العديد من العواصم والمدن العربية، والتي تحتاج إلى المزيد من الأبحاث والدراسات حولها لإيجاد حلول بيئية فعالة.