تعاطي المخدرات.. أحدث معاناة للبشرية مع تغير المناخ


إسراء محمد
الخميس 26 أكتوبر 2023 | 07:06 مساءً
تعاطي المخدرات بسبب التغير المناخي
تعاطي المخدرات بسبب التغير المناخي

لم تغير سلوك الطبيعة وتجعلها أكثر شراسةً فحسب، بل انسحبت التغيرات المناخية على سلوكيات البشر أيضاً؛ إذ رصدت تقارير وأبحاث علمية حديثة وجود علاقة بين آثار الاحتباس الحراري والإقبال على تعاطي المواد المخدرة.

ويتصدر المزارعون في العديد من دول العالم قائمة ضحايا الظروف الجوية المتطرفة التي تدمر المحاصيل الزراعية، لكن الأزمات النفسية الناتجة عن تلك الظروف قد تدفع بعضهم إلى تعاطي التبغ والكحول والمواد المخدرة الأخرى.

تعاطي المخدرات

ورغم تقدمها في العمر، وقعت كمال سونافان في فخ الإدمان؛ حيث تعمل في مجال الزراعة وتسكن منزلاً من الطوب في ولاية ماهاراشترا الهندية.

وبالتزامن مع إحدى الموجات الحارة التي شهدتها البلاد، توقَّفت سونافان عن العمل، ولجأت إلى تناول التبغ، رغم معرفتها أنه قد يعرض حياتها للخطر.

وقامت سونافان، التي بلغت العقد السابع من العمر دون أن تملك أرضاً زراعية، بمضغ أوراق التبغ خمس مرات في يوم واحد، قائلة: "حتى الشخص المدمن يتجنَّب ذلك في درجات الحرارة الشديدة؛ بسبب خطر الإغماء (..) كنت سأنهار على أي حال؛ إما بسبب الحرارة الشديدة أو الإدمان"، نقلاً عن موقع "Wired".

كما يشير شوبانجي باتيل (عامل صحي مجتمعي يخدم منطقة كولهابور؛ حيث تعيش سونافان) إلى الخسائر التي يبلغ عنها المزارعون كل بضعة أشهر بسبب موجات الحرارة أو الفيضانات، وعندما تتلف المحاصيل، وتنهار الأرباح يلجأ عمال المزارع إلى تعاطي المخدرات لنسيان مشاكلهم.

وأشارت سونافان إلى أن عمال المزارع يجدون حالياً صعوبة في الحصول على ثمانية أيام عمل شهرياً؛ لأن تلف المحاصيل شائع جداً.

ووفق تقديرات وزارة الزراعة في ولاية ماهاراشترا الهندية، فقد المزارعون 36 مليون هكتار من قصب السكر والبصل والأرز وغيرها من المحاصيل على مدى السنوات الخمس الماضية.

إدمان المناخ

وفي دراسة حديثة نشرتها دورية Communications Medicine، أجرى باحثون تقييماً بشأن تأثير ارتفاع درجات الحرارة على زيادة حالات الاضطرابات المرتبطة بالكحول والمواد المخدرة، وترددها على المستشفيات في ولاية نيويورك الأمريكية.

وحصل العلماء على جميع البيانات ذات الصلة من النظام التعاوني للتخطيط والبحث التابع لوزارة الصحة في نيويورك "SPARCS" بين عامَي 1995 و2014، الذي ضم بيانات لنحو 98% من الأفراد الذين زاروا مستشفيات الولاية.

ورصدت الدراسة تسجيل ما يزيد عن مليون ونصف المليون زيارة إلى المستشفيات؛ حيث دخل نحو 672 ألف فرد إلى المستشفيات بسبب الاضطرابات المرتبطة بالكحول، إضافة إلى 721 ألف شخص بسبب الاضطرابات المرتبطة بالمخدرات، وارتبطت العدد الأعلى من الزيارات بمستخدمي المواد الأفيونية، بينما كان العدد الأقل من نصيب مستخدمي المهدئات، نقلاً عن "News-Medical".

وكان الذكور أكثر عرضةً لزيارة المستشفيات بسبب تعاطي الكحول والمواد المخدرة، وعند النظر في الأسباب، تبين أن ارتفاع درجات الحرارة مرتبط بمعدل زيارات المستشفيات، وتسببت زيادة استهلاك الكحول أيضاً في ارتفاع معدلات التعرق؛ ما زاد خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والقلب والأوعية الدموية.

مواجهة الأزمة

ودعا علماء ومسؤولو الصحة العامة إلى إطلاق حملات توعية حول مخاطر ارتفاع درجات الحرارة على تعاطي المخدرات للتقليل من الخسائر في الأرواح، وخاصةً مع تردد الزيارات على المستشفيات.

وتقول الباحثة الرئيسية للدراسة ماريانثي آنا كيومورتسوغلو الأستاذة المشاركة في جامعة كاليفورنيا، إنه ينبغي اعتبار الآثار السلبية التي يسببها تناول الكحول والمواد المخدرة خلال الطقس الدافئ أولوية القطاع الصحي، وخاصة إذا نتج عنها اضطرابات يمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية، نقلاً عن "Public Health".