التنوع البيولوجي يهزم عروض السيرك في معركة حقوق الحيوان


مروة بدوي
الثلاثاء 17 أكتوبر 2023 | 03:04 مساءً

خلف ساعات المتعة والإثارة والأضواء المبهرة والعروض البهلوانية في السيرك، تعاني وتتألم الحيوانات بلا صوت أو دموع من جراء حبسها في أقفاص بعيداً عن بيئتها الطبيعية.

ومع تطور تقاليد السيرك في القرن الحادي والعشرين، ارتفعت أصوات منظمات حقوق الحيوان للتوقف عن استغلال الحيوانات من أجل الترفيه أو تسلية البشر، مطالبين بإعادتها للحياة البرية في بيئتها الطبيعية من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي.

وعادةً تطلق منظمات حقوق الحيوان حملات عالمية لوضع حد لاستخدام الحيوانات في عروض السيرك؛ لما يمثل من استغلال وانتهاك لحقوقها وحريتها حتى مع توافر ضمانات الرعاية العالية؛ فإن ظهور الحيوانات في العروض يضر بسلامتها.

مساعٍ حثيثة

وتؤكد جميعة (PETA) إحدى أكبر منظمات حقوق الحيوان في العالم، أن هذه الحيوانات التي تم تقييدها بالسلاسل ووضعها في أقفاص وإجبارها على تقديم العروض عبر التهديد منذ صغرها، تستحق أن تتقاعد وتتلقى الرعاية المناسبة وتتمتع ببعض مظاهر الحرية.

فيما تعمل منظمة "Animals Asia" المعنية بحقوق الحيوان في جنوب شرق آسيا، على تحسين إدارة الحيوانات، وزيادة الوعي باحتياجات ورعاية الحيوانات البرية الأسيرة؛ إذ أصدرت تقريراً حول 16 منشأة في جميع أنحاء فيتنام تجبر مئات الحيوانات البرية، بما في ذلك الأنواع المهددة بالانقراض، على أداء حيل مهينة وغير طبيعية في حدائق الحيوان والسيرك، بجانب الاحتفاظ بالحيوانات في ظروف سيئة ليلاً.

من المخاوف التي سلط تقرير المنظمة الضوء عليها مصادر جلب هذه الحيوانات مثل الفيلة والدببة؛ حيث يعتقد أنها غير موثقة، ويمكن أن تأتي من الاتجار غير المشروع بالحياة البرية.

وللحد من هذه الممارسات، أرسلت السلطات الفيتنامية توجيهاً إلى جميع المرافق بضرورة التخلص التدريجي من استخدام الحيوانات البرية؛ ما أدى إلى تخلي سيرك هانوي، عن عروض الدببة إلى الأبد، وتم نقل أربعة دببة من السيرك إلى محمية حيوانات آسيا.

قوانين رادعة

وتتجه بعض الدول نحو عروض السيرك التي تعتمد على الأداء البشري، ويحظر حالياً استخدام الحيوانات البرية في عروض السيرك في 27 دولة حول العالم، بما في ذلك هولندا واليونان اسكتلندا وأغلب مناطق إنجلترا.

وفي نوفمبر 2022، أقر البرلمان الفرنسي قانوناً خاصاً للحد من القسوة على الحيوانات؛ إذ يقضي بالتوقف التدريجي عن استخدام الحيوانات البرية في السيرك وعروض المتنزهات بحلول عام 2026، ولن تتمكن أي جهة من الاحتفاظ بالحيوانات في الأسر اعتباراً من عام 2028.

وفي محاولة للحفاظ على تقاليد السيرك مع حماية الطبيعة والحيوان، ومراعاة الواجب الأخلاقي، قرر القائمون على صناعة الترفيه البحث عن حلول مناسبة، ربما يلهم بعضها أصحاب السيرك في أماكن أخرى بالعالم ومنها المنطقة العربية.

تجارب ناجحة

وقرر سيرك رونكالي الألماني الشهير، التخلي عن الحيوانات الحية وأن يستبدل بها الصور المجسمة عبر استغلال الهولوغرام، والتقنيات الحديثة التي تعيد إنشاء صور الأجسام بصورة ثلاثية الأبعاد؛ ما يجعل صور الحيوانات تبدو حقيقية وجذابة للجمهور والأطفال.

وفي عام 1991 توقف سيرك رونكالي عن استخدام الأسود والفيلة في العروض، بسبب مخاوف بشأن رعاية الحيوانات وضيق مساحة السيرك التي تقيد حركة الحيوان. وخلال عام 2018 ألغى السيرك عروض الحيوانات الحية تمامًا من البرنامج الترفيهي، واستقبل الجمهور قرار السيرك بالترحاب والإقبال.

فيما قرر سيرك دو سوليه الكندي منذ مطلع القرن الحادي والعشرين، عدم استخدام أي حيوان في العروض، وبدلاً من ذلك تعهد للجمهور بزيادة فقرات الترفيه البشري وتعويض غياب الحيوان؛ وذلك بهدف دعم حقوق الحيوانات وإعادتهم إلى الحياة البرية، واتبع هذا النهج الإنساني أيضاً سيرك باريس وسياتل، وسيرك دي فلامبي في واشنطن.

ورغم أن المجر تتمتع بتقليد طويل في فنون السيرك؛ حيث تستضيف بودابست مهرجان السيرك الدولي كل عامين، فإن إدارة السيرك الوطني قررت تقليل فقرات الحيوان إلى أقل حد ممكن، مع اتباع الحرص الشديد في معاملة الحيوانات داخل السيرك.

وبسبب نجاح هذا النهج، حصل السيرك الوطني المجري عام 2019 على جائزة من البرلمان الأوروبي تكريماً على الالتزام بأفضل الممارسات في رعاية الحيوان وحماية العاملين عبر تقديم التدريب المناسب للموظفين للتعامل برفق مع الحيوانات الأسيرة.