الأطعمة المجمدة.. سلاح مستدام لمواجهة حرب الهدر الغذائي


إسراء محمد
الاثنين 16 أكتوبر 2023 | 10:52 مساءً

بعكس تفضيلات تجنح غالباً إلى إدراج الأطعمة المجمدة في ترتيب متراجع مقابل الأطعمة الطازجة، تشير الدراسات إلى أن تجميد الطعام هو الخيار الأكثر استدامةً وصداقةً للبيئة.

وتحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للأغذية، في 16 أكتوبر من كل عام، لتعميق الوعي العام بمعاناة الجِياع والتشجيع على اتخاذ تدابير للقضاء على الجُوع.

ووفق إحصائيات أممية، ينتهي مصير ثلث الأغذية المنتجة حول العالم – أي نحو 1.3 مليار طن من الغذاء – بالهدر والفقد؛ ما يكلف الاقتصاد العالمي 940 مليار دولار سنوياً.

ويساهم الهدر من الطعام بـ10٪ من غازات الدفيئة التي تنطلق في الغلاف الجوي، ومن ثم توجهت الأنظار إلى فكرة تجميد الطعام، في محاولة لتقليل حجم المخلفات وإبقاء الأطعمة طازجة لمدة أطول.

ربما لا تعد الأطعمة المجمدة جذابة مثل الطازجة، لكنها من أكثر الحلول الصديقة للبيئة الآن، وتعد خياراً مستداماً عند التفكير في التخلص من نفايات هدر الطعام دون أن تلوث الأرض.

هدر الطعام

ووفق دراسة نشرتها دورية British Food Journal تعد الأطعمة المجمدة مكسباً كبيراً للاستدامة؛ حيث تبين أن مشتريات الأطعمة المجمدة وتجميد الأطعمة الطازجة ساعد في تقليل هدر الطعام إلى حد كبير.

وبناء على نتائج الدراسة التي شملت عينة من 2800 أسرة بالنمسا، أهدر المشاركون 9.3٪ من إجمالي الأغذية الطازجة، مقارنة بـ1.6٪ من الأطعمة المجمدة؛ ما يعني بلوغ معدل هدر نحو خمسة أضعاف.

وتشير الدراسة أيضاً إلى أن التجميد المنزلي ليس لديه فاعلية التجميد السريع الذي يعتمد على آليات صناعية، ومع ذلك، فإن تجميد اللحوم والخضراوات التي يتم شراؤها من المتجر يمكن أن يُطيل العمر الافتراضي للمنتج بدرجة كبيرة.

ورغم الاعتقاد السائد بأن الأطعمة المجمدة لا تحتوي على القيمة الغذائية التي تتمتع بها الأطعمة الطازجة، فإنها في الحقيقة تتمتع بمزايا إضافية من الناحية الصحية؛ لأنها تحفظ في درجات حرارة باردة تحميها من التلف.

وذلك في الوقت الذي قد تفقد فيه المنتجات الطازجة العناصر الغذائية ومضادات الأكسدة الهامة أثناء التخزين، بنسبة قد تصل إلى 50٪ خلال فترة تتراوح بين 24 و48 ساعة.

تلوث أقل

ويسود اعتقاد بأن تجميد الطعام يستهلك معدلات عالية من الطاقة، ومن ثم ينتج عن عملية التخزين والشحن انبعاثات كربونية، غير أن دراسة بريطانية أثبتت أن الأطعمة المجمدة تتسبب في كميات أقل من ثاني أكسيد الكربون، سواء في مراحل الإنتاج أو التخزين أو مخلفات الطعام.

وخلال السنوات الماضية، ازدهرت سوق الأغذية المجمدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بقيمة تبلغ 36.76 مليار دولار أمريكي في عام 2022.

ومن المتوقع أن ينمو إجمالي عائدات سوق الأغذية المجمدة في المنطقة بمعدل 3.71٪ من عام 2023 إلى عام 2029، لتصل إلى ما يقرب من 49.20 مليار دولار أمريكي، وفق إحصائيات إحدى المؤسسات المتخصصة بأبحاث السوق.

وبظروف مواتية، يتزامن الحديث عن أهمية تجميد الطعام مع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة بشكل غير مسبوق، ومن ثم يصعب الحفاظ على المواد الغذائية وتخزينها لفترات أطول؛ لذلك ارتفع معدل الطلب على المنتجات الغذائية المجمدة.

طعام الحيوانات

وداخل عالم الحيوان، برزت أهمية الوجبات المجمدة خلال الموجات الحارة التي شهدتها الأشهر الماضية؛ إذ لجأت إليها عدد من حدائق الحيوان في مختلف دول العالم، لا سيما في ظل نشوب حرائق الغابات وتصاعد مخاطر تعرض الحيوانات للنفوق.

وقامت حديقة حيوان Attica Zoological بوضع اللحم المثلج أمام أحد الأسود الأنغولية البالغة من العمر 15 عاماً؛ لكي يحصل على الترطيب المرجو في مثل هذه الأجواء القاسية.

وبدوره حث أنتونيس بالاس أمين حديقة الحيوانات، مربي الحيوانات الأليفة على أن يكونوا أكثر وعياً في أوقات الحرارة الشديدة ويقدموا الوجبات المثلجة بدلاً من الساخنة.

ومن جانبه، قال سيدهارث موانتي مالك إحدى الشركات الهادفة إلى إقناع الجمهور باتباع أسلوب حياة صديق للبيئة، لـ"جرين بالعربي"، إن مستقبل الغذاء سيعتمد على بعض العناصر، وهي الطحالب والأعشاب البحرية والفول والبقوليات والمكسرات واللحوم المزروعة في المختبر والموز الكاذب والحشرات والقهوة المقاومة للحرارة.

ومضى قائلاً: "التمثيل الضوئي الاصطناعي يساعد في إنتاج غذاء أكثر كفاءةً، وسيعمل على توفير استهلاك الطاقة، كما أن الكربوهيدرات التي تتكون من منتجات النشا المصنعة من مادة "المالتوديكسترين" أو شراب الذرة العالي الفركتوز، ستكون مفيدة للمنتجات الغذائية الصحية.

واختتم أن هناك أطعمة سوف تختفي بفعل التغير المناخي، ومنها الشوكولاتة والقهوة والأفوكادو والعسل والعنب والموز؛ لذا سوف يتجه الإنسان إلى تصنيع أطعمة من نبات القنب الذي قد يتحول إلى أن يكون مصدراً للبروتين.