أحمر الشفاه.. سلاح شركات التجميل في رحلة تدمير الكوكب


سلمى عرفة
الاربعاء 15 مارس 2023 | 08:09 مساءً

يجد خبراء البيئة صعوبة في تقبل سياسات شركات التجميل ومنتجات العناية بالبشرة عالميا، والتي لا تتوقف عن ملاحقة جمهورها بقائمة لا تنتهي من منتجات الاهتمام بالمظهر ورفع مستوى معايير الجمال، دون النظر للآثار البيئية.

قطاع منتجات التجميل والعناية بالبشرة يشهد تطوراً غير تقليدي في أدوات وخطط التسويق، رغم آثاره السلبية الواضحة على البيئة وإسهامه في زيادة تعقيد أزمة التغيرات المناخية.

وعود غير واقعية

تقرير جديد لمؤسسة "كربون تراست"، وهي مؤسسة مستقلة تساعد المؤسسات والحكومات في تسريع عملية وصولهم إلى صافي الانبعاثات الصفرية، رصد السياسات الخاطئة والأهداف غير الواضحة التي تتبعها كبرى شركات التجميل في العالم، خلال عملها على تخفيف آثار أنشطتها على البيئة.

المؤسسة لفتت إلى محدودية الاعتراف بمساهمة قطاع التجميل في أزمة التغيرات المناخية، في وقت تتركز أبرز الجهود التي تبذلها الشركات على تقليل انبعاثات عمليات التشغيل، بدلا من الاهتمام بالانبعاثات الصادرة من الحصول على المواد الخام نفسها.

وكشف تحليل بيانات أكبر 10 شركات عاملة في مجال مستحضرات التجميل، أن الأهداف التي وضعتها 7 شركات منها بشأن الوصول لصافي الانبعاثات الصفرية تفتقر إلى المصداقية - وفقا لتقييم المؤسسة – كما أن الإجراءات المتخذة منها غير كافية، بينما لم تعلن الشركات الثلاثة الأخرى عن أي التزام بهذا الخصوص، وسط تسجيل زيادة في الانبعاثات بين عدد من الشركات.

تشكل الانبعاثات الناتجة عن المواد اللازمة للتصنيع والتعبئة، ما بين 30 - 50% من حجم انبعاثات الشركات العاملة في القطاع

صناعة التجميل والبيئة

تبدأ الأضرار البيئية لصناعة منتجات التجميل من الاعتماد على مكونات صناعية باستخدام الوقود الأحفوري، علاوة على استخراج المواد الخام التي تساهم في عمليات إزالة الغابات، مثل زيت النخيل ولب الخشب.

%2 من زيت النخيل وزيت نواة النخيل في العالم تستخدم في صناعة منتجات التجميل، و3% منه توجه لمنتجات العناية الشخصية، ورغم انخفاض النسبة مقارنة بمساهمته في الأنشطة الأخرى، إلا أن الكمية المستخدمة لا تزال تمثل أطنانا هائلة منه، وفقا لمؤسسة Rountable For sustainable Palm Oil.

تشكل الانبعاثات الناتجة عن المواد اللازمة للتصنيع والتعبئة، ما بين 30 - 50% من حجم انبعاثات الشركات العاملة في القطاع، بينما يقدر نسبة انبعاثات النقل والتوزيع بـ5% فقط.

المفاجأة أن ما يزيد على 50% من الانبعاثات هي انبعاثات غير مباشرة في مرحلة الاستخدام، فعلى سبيل المثال المياه الساخنة التي تستخدم لإزالة العديد من منتجات العناية الشخصية، نتجت عن استخدام مصادر غير نظيفة للطاقة، ولا تزال الإجراءات التي تتخذها الشركات لمواجهة هذا الجانب محدودة، وفقا لـ"كربون تراست".

وفقا لموقع مؤسسة Plastic Pollution Coalition، تتجاوز المخلفات الناتجة عن أنشطة هذا القطاع، 120 مليار عبوة، أغلبها لا يخضع لإعادة التدوير.

لعل الجانب المظلم الآخر لإنتاج مستحضرات التجميل هو الأضرار التي تلحق بالحيوانات، إذ تقتل نحو 100 ألف حيوان يموت سنويا، بسبب الخضوع للتجارب، وفقا لمؤسسة Human Society International.

أصدقاء البيئة

كل هذه الأضرار مجتمعة، تؤثر سلبا على التنوع البيولوجي، وتخلق أزمة نفايات هائلة، ومؤخرا تصاعد طلب المستهلكين على ضرورة إيجاد بدائل صديقة للبيئة لمنتجات التجميل.

وكشف استطلاع شارك فيه ما يقرب من 4500 امرأة في دول مختلفة، وتتراوح أعمارهن بين 16: 64 عاما، أن 43% من المشاركات يوافقن على تحمل تكلفة أعلى نظير استخدام مواد مستدامة في عملية التعبئة، وفقا لموقع Marketing Tech.

استطلاع آخر يعتقد 71% من المشاركين فيه، أن شركات التجميل والمؤسسات التجارية لا تقوم بما يكفي لتحويل منتجاتهم إلى مواد مستدامة، بحسب Packaging News.

هناك محاولات أخرى للبحث عن بدائل لزيت النخيل الذي يدخل ومشتقاته في 70% من مستحضرات التجميل

مخلفات الطعام

من الطرق التي زاد الحديث عنها، مؤخرا، استخدام مخلفات الطعام في عملية تصنيع مستحضرات التجميل، ففي دراسة نشرها موقع Science Direct، تحدث عدد من الباحثين عن استخدام مخلفات النباتات الحمضية مثل الليمون والبرتقال في صناعة العطور والمستحضرات، لتفتح الباب أمام المزيد من التطبيقات بخلاف الاستخدام الشائع للبذور.

ظهرت المزيد من الشركات التي بدأت بالفعل استخدام النفايات الغذائية التي يبلغ حجمها 2.5 مليار طن سنويا حول العالم، وفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز".

على سبيل المثال بدأت شركةFace to Farm ، إعادة استخدام التفاح والبنجر والتوت، بينما لجأت شركة Upcircle التي تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرا لها، إلى مخلفات القهوة التي تجمعها من المقاهي.

هناك محاولات أخرى للبحث عن بدائل لزيت النخيل الذي يدخل ومشتقاته في 70% من مستحضرات التجميل، فقد طور علماء جامعة نانيانج في سنغافورة بالتعاون مع جامعة مالايا الماليزية، طريقة لاستخراج زيوت بديلة من أحد أنواع الطحالب الدقيقة، وفقا لدورية Journal of Applied phycology.