بفعل تغير المناخ.. الطيور تخوض رحلة اضطرارية داخل نفق مظلم


إسراء محمد
السبت 14 أكتوبر 2023 | 03:54 مساءً

دائرة من الاضطراب دخلتها الطيور بفعل التغيرات المناخية، وما صاحبها من تفاقم الكوارث الطبيعية، مثل الأعاصير وحرائق الغابات والرياح وغيرها.

وتحاول تلك الكائنات الرقيقة التغلب على تلك التحديات بتغيير نمط حياتها، والتكيف مع ظروف مناخية قاسية قد تستمر لفترات طويلة.

ويُحيي العالم اليوم الدولي للطيور المهاجرة، في 14 أكتوبر من كل عام، لإبراز ضرورة التعاون الدولي للحفاظ على الطيور المهاجرة.

وبهذه المناسبة، حاورت "جرين بالعربي" الدكتور الأمريكي أندرو فارنسورث الباحث الأول في مختبر كورنيل لعلم الطيور – وهي منظمة غير ربحية يدعمها أعضاء جامعة كورنيل الأمريكية – للتطرق إلى حجم التأثيرات المناخية التي تتعرض لها الطيور.

مقاومة الطيور

وقال أندرو فارنسورث إن هناك تغيرات واضحة طرأت على سلوكيات الطيور، وعلى كمية الدهون الموجودة في أجسادها التي تعد مقياساً على صحتها، لكنها تتأثر بالحرارة والجفاف، ونقص الحشرات التي تتغذى عليها؛ ما يسبب الإصابة بالهزال والارتباك التي قد تصل إلى النفوق، وهي النتائج التي جرى التوصل إليها بعد تحليل بيانات موجات الحر الشديدة، واستناداً إلى تجارب في مناطق مختلفة في أنحاء الأرض.

وبشأن التأثير على مسارات الهجرة، أكد فارنسورث أن التأثيرات المتزايدة الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الرياح، تمنع الطيور من بلوغ نقاط وصول، وفي كثير من الأحيان، تبقى عالقة في ظروف قاسية وخطرة تحول كذلك من الوصول إلى مناطق التكاثر.

ضريبة التكيف

ولفت الباحث الأمريكي إلى أن بعض أنواع الطيور تُسرع حركتها أثناء التحليق خلال موسم الهجرة للتغلب على هذه الظواهر الجديدة؛ ما يهدر طاقتها ويقلل خصوبتها، وهي استراتيجيات تسعى الطيور إلى التحايل بها على التأثيرات الجديدة عليها.

كما يُسرع ارتفاع درجات الحرارة من وتيرة نمو الفواكه؛ ما يعني وجود الحشرات التي تتغذى عليها الطيور مبكراً، واختفاءها عند وصولها. ويزيد الخطر بالنسبة إلى الطيور التي تعيش في مجموعات صغيرة العدد. أما الطيور التي تتميز بأعداد كبيرة وقدرة على تحمل الحرارة، فيسهل عليها الوصول إلى أكبر عدد من الموائل.

موسم التكاثر

وأوضح فارنسورث أن هجرة الطيور تحدث في المقام الأول بسبب وجود تغيرات في المناخ، وتتحكم الحدود الجليدية العالمية في أنظمة تلك الهجرة، لكن هناك تغيرات طرأت على عدد كبير من أنواع الطيور باختلاف أوقات هجرتها.

وتابع: "في بعض الحالات، تسلك الطيور المهاجرة أثناء النهار طرقاً مختلفة بسبب تغير أنماط الرياح والنشاط الحراري. وفي حالات أخرى، تتبع الطيور مسارات جديدة بسبب التغيرات التي تحدث في الغطاء النباتي، وما يتبعها من تغيرات في نقاط توفر الموائل".

كما تؤثر درجة حرارة فصل الشتاء، وهطول الأمطار بشكل مباشر، على قدرتها للاستعداد للهجرة، ومن ثم تحتاج إلى وقت أطول حتى تكون أجسامها في حالة جيدة للحركة بفاعلية، وبدء الهجرة والحفاظ على حالتها المتوازنة للوصول إلى مناطق التكاثر سريعاً، ومن ثم تتأثر بذلك مواعيد الوصول.

وأضاف فارنسورث أن درجة الحرارة تؤدي دوراً كبيراً عند الوصول في نجاح تكاثر الطيور الصغيرة؛ لأن وصولها بعد فوات الأوان – أي بعد توقيت ذروة توافر الحشرات – قد لا يساعدها على بناء الأعشاش؛ ما يسبب نفوقها في النهاية.

أنماط الهجرة

وذكر الباحث الأمريكي أمثلة على بعض الطيور المائية التي بدأت بالفعل تغير نمط هجرتها، ومن بينها طيور الكركي والبجع؛ إذ لوحظ ازدياد أعدادها في فترات مختلفة عما سبق؛ ما يعني اختلاف موعد الهجرة للتكيف مع الظروف المناخية.

وتضم القائمة كذلك طائر "السمامة السوداء" الذي اختلف نمط هجرته؛ حيث يمر أسرابه عبر السعودية، وتسافر مسافة 30 ألف كيلومتر بين الصين ووسط/جنوب أفريقيا. وبسبب ارتفاع درجة حرارة المناطق التي تمر بها، لجأت أعداد منها إلى تغيير مسار هجرتها.

والوقواق الشائع هو طائر مهاجر آخر من الشرق الأوسط. ورغم أن بعض أنواعه تعيش في أوروبا؛ أي في المناطق الباردة، فإن من الواضح أن توقيت وصوله في الربيع مرتبط بتغير المناخ في المناطق الأفريقية التي يمر بها؛ حيث درجات الحرارة المرتفعة.