رغم قلة كميات المحاصيل التي ينتجها أصحاب المزارع الصغيرة ذات الـ5 أفدنة أو أقل، فإنهم يتمتعون بتأثير واسع على مستوى العالم.
ووفق بحث لمجلة التنمية العالمية World Development هناك 608 ملايين مزرعة في العالم، أكثر من 90٪ منها عبارة عن مزارع عائلية، فيما تمثل المزارع الذي تقل عن هكتارين 84٪ من إجمالي الحقول في العالم.
وتنتج المزارع التي تقل مساحتها عن 5 أفدنة ما يقرب من 35٪ من الغذاء في العالم، كما يوفر أصحاب الحيازات الصغيرة ما يصل إلى 80٪ من الإمدادات الغذائية في آسيا وجنوب الصحراء الكبرى.
ويساهم صغار المزارعين في الحفاظ على التنوع البيولوجي؛ إذ غالباً ما يساعدون في منع الرعي الجائر مع توفير موائل الحياة البرية، مثل الطيور التي تأكل الحشرات الضارة بالمحاصيل.
مخاطر وتحديات
في الوقت الذي يحذر فيه العلماء من تجاوز زيادة درجات حرارة الأرض 1.5 درجة بحلول عام 2027 مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية؛ ترتفع درجة الحرارة في قارة إفريقيا بمعدل أسرع.
ومن المتوقع زيادة درجات الحرارة في جميع البلدان الإفريقية تقريباً بمقدار درجتين مئويتين بين عامي 2025 و2040، رغم ضعف حجم انبعاثاتها الكربونية الناتجة عن الأنشطة البشرية عن 5٪.
وكشف التقرير الذي نشرته مؤسسة "بيل ومليندا غيتس" غير الربحية، عن توقعات بسقوط المناطق التي توفر 70٪ من قيمة إنتاج المحاصيل في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ضحية للجفاف الشديد والإجهاد الحراري بحلول عام 2050.
شبح الجوع
وفق تقديرات أممية، يعاني 828 مليون شخص من نقص الغذاء حول العالم، ومن المرجح أن يساهم هذا النقص في تفاقم الخطر الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات؛ ما يساهم في انخفاض الإنتاجية وانعدام الأمن الغذائي للأسر الريفية، خصوصاً في بلدان جنوب آسيا والقرن الإفريقي الأكثر تأثراً بالتغيرات المناخية.
ويمكن أن تجبر الكوارث المناخية الأسر الريفية على خفض كميات الطعام بالوجبات التي يتناولونها، أو بيع أدوات الزراعة أو الماشية حتى يتمكنوا من الاستمرار في شراء الطعام لتناوله، وقد تتسبب في التأخر في سداد الرسوم المدرسية لأطفالهم، وفق موقع .The MRR Innovation Lab.
وتعيق العديد من التحديات الأخرى، أصحاب الحيازات الصغيرة عن التطور في الزراعة؛ نظراً إلى نقص المياه الصالحة للري والجفاف، كما رصدت منظمة Bread for the World افتقار صغار المزارعين إلى إمكانية الوصول إلى الأسواق لبيع محاصيلهم، ومن ثم عادة ما يضطرون إلى اللجوء لمصادر دخل أخرى مثل العمل المأجور.
في كثير من الأحيان، لا يتمكن المزارعون أصحاب الحيازات الصغيرة من الوصول إلى تقنيات الزراعة الحديثة، مثل أنظمة الري وطرق التسميد الذكية، بجانب عدم الحصول على تدريب مكثف يساعد على تحسين الإنتاج الزراعي ليكتسبوا قدرة أكبر على المنافسة في الأسواق.
جهود مستدامة
وبهدف مواجهة الأزمات المناخية الحالية، لجأ المزارعون إلى سبل صديقة للبيئة، مثل زراعة المحاصيل بالتناوب بين الحقول للحفاظ على تربة صحية وخصبة؛ للمساعدة على حماية التربة من التآكل الناجم عن الأمطار الغزيرة أو العواصف الهوائية التي يمكن أن تدمر السطح.
ووفق الخبراء والمراقبين، يتطلب المناخ المتطرف تمكين أصحاب الحيازات الزراعية الصغيرة في إفريقيا من الوصول إلى البيانات، من خلال تقنيات جديدة يمكنها التنبؤ بالإنتاج الزراعي في المستقبل.
ومؤخراً أُطلق برنامج الزراعة الإفريقية (AAgWa)، الذي يعد البرنامج الأساسي الرابع لمنظمة AKADEMIYA 2063 البحثية غير الربحية بإفريقيا، وأحدث ثورة في مخططات المزارعين وتحديات الإنتاج.
وتزود المنصة الإلكترونية المزارعين بالبيانات والتحليلات اللازمة للاستعداد للصدمات المناخية قبل وصولها؛ ما يساعد في تخفيف الأزمات بالقطاع الزراعي، بحسب موقع Farming First.
ويمكن من خلال البرنامج جمع بيانات الاستشعار عن بعد من خلال صور الأقمار الصناعية لوضع تنبؤات بالإنتاج الزراعي لتسعة محاصيل رئيسية؛ منها القمح والذرة في 47 دولة إفريقية.
وساهمت الشراكة التي جمعت الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ومرفق البيئة العالمية، في استعادة 74 فداناً من الأراضي المتدهورة في النيجر؛ ما منع انبعاث 5.25 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون.
كما اعتمد في كمبوديا ما يقرب من 18 ألفاً من صغار المزارعين على مختلف أنواع الطاقة المتجددة، مثل المجففات التي تعمل بالطاقة الشمسية وتستخدم في معالجة الأغذية، وكذلك استخدام الطريقة نفسها في تشغيل مضخات المياه وعمليات الزراعة المائية.
في عام 2022، أعلنت مريم بنت محمد المهيري وزيرة التغير المناخي والبيئة بالإمارات، عن تطبيق جوال جديد مدعوم بالذكاء الاصطناعي باسم "الدكتور نبات" للكشف عن اضطرابات المحاصيل ومساعدة المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على اكتشاف اضطرابات المحاصيل في مراحل مبكرة، ومن ثم تقليل الخسائر وتحسين الدخل.
كما تم تدريب 414 مزارعاً من أصحاب الحيازات الصغيرة، وأصبح التطبيق مخصصاً لمصر وتونس والإمارات؛ حيث تم إنشاؤه بدعم من شركاء محليين في هذه البلدان مع وجود خطط التحديث والإتاحة في بلدان أخرى بالمستقبل.