يبدو أن كوكب الأرض ضاق ذرعاً بسكانه بسبب زيادة معدلات التلوث والانبعاثات الضارة، فهل يمكن أن تُجبِر التغيرات المناخية سكان الأرض على هجرة كوكبية إلى المريخ للبحث عن ملاذ آمن؟
تشكل كوكب الأرض من سحابة عملاقة من الغاز والغبار في الفضاء منذ نحو 4.6 مليار عام؛ لذا يمكنك القول إن التاريخ البشري قصير جداً مقارنة بتاريخ الأرض، وبالنسبة إلى ما سيحدث بعد مليارات السنوات.
ويُقدِّر العلماء أن الشمس ستستمر في السطوع لـ5 مليارات عام قادمة، وسترتفع درجة حرارة الكوكب لدرجة أنه لن يكون هناك أثر للبحار والمحيطات بسبب التبخر؛ ما يزيد غازات الدفيئة؛ أي سيصبح الكوكب ساخناً وغير مُحتمَل، بحسب موقع "HowStuffWorks".
وطرح آدم فرانك أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة روتشستر، تساؤلاً حول ما تبقى من الوقت لدينا حتى يختفي المحيط الحيوي للأرض؟! وأجاب أنه لم يبق سوى مليار عام، وستختفي كل أشكال الحياة، بحسب موقع "Bigthink".
وبناءً على ذلك، لا بد من التفكير في كوكب آخر يصلح للحياة مثل المريخ؛ وذلك للانتقال إليه سريعاً، خاصةً بعد تفاقم الأزمات المناخية، وتنبؤات العلماء المتكررة بوقوع كوارث مستقبلية.
الحياة في المريخ
بعد أن كان الحديث عن الحياة على كوكب المريخ ضرباً من الخيال بات أقرب إلى الواقع، بعدما أصبحت الأرض مهددة بعدم الاتزان البيئي، لا سيما بعد أن أكد العلماء أن هناك أوجه تشابه عدة بين المريخ والأرض؛ ما يمكن أن يمهد الطريق للعيش فيه بالمستقبل.
ولدى كوكب المريخ غلاف حيوي يحتوي على الأكسجين بنسبة تبلغ 0.13%. ورغم ضعف النسبة فإنها تعد مقداراً كبيراً مقارنة بالفضاء الخارجي، نقلاً عن "Listverse".
كما يمكن تحويل ثاني أكسيد الكربون الموجود بالغلاف الجوي للمريخ إلى أكسيجين باستخدام النباتات، فيتحول إلى كوكب صالح للعيش فيه. وبالنسبة إلى عدد ساعات اليوم الواحد على المريخ، فهي 24 ساعة و40 دقيقة فقط، بفارق بسيط عن الأرض، ولكن نظراً إلى أن المريخ ليس قريباً من الشمس مثل الأرض، فإن سنة المريخ تدوم 687 يوماً؛ أي ما يقرب ضعف السنة على كوكب الأرض.
مياه على المريخ
اكتشف العلماء أيضاً أن هناك علامات واضحة على وجود غاز الميثان على كوكب المريخ، وهو غاز يمكن أن تنتجه الحياة البدائية. ويسلط ذلك الضوء على احتمالية وجود حياة مقارنة بالكواكب الأخرى.
كما كان العثور على المياه بمنزلة مفاجأة، وهناك أدلة على أن المريخ كان يحتوي على مياه عذبة ومالحة تتدفق بالقرب من خط استوائه منذ 400 ألف عام، ونظراً إلى وجود ثلوج ومياه مجمدة، يمكن إذابتها لاستخراج المياه العذبة.
وتمثل زراعة النباتات على سطح المريخ تحدياً، لكنها أمر هام إذا ما تم طرح البقاء لفترات طويلة. وجرى اختيار البرسيم ليكون أول نبات يجري زراعته هناك؛ لقدرته على النمو في تربة بركانية تشبه إلى حد كبير التربة على سطح المريخ. ورغم عدم صلاحيته للأكل، فإنه يعد المفتاح الرئيسي لإنتاج الأسمدة المستدامة التي تسمح للنباتات الأخرى بالنمو.
منازل المريخ
كشفت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" عن التخطيط لتأسيس منزل يحاكي الحياة على المريخ، وبدأت المحاكاة الأولى في يونيو 2022، وأعقبها اثنتان أخريان؛ كل منهما بطاقم مختلف في ظروف مماثلة، على أن تبدأ المحاكاة الأخيرة في عام 2026.
وأعلنت جريس دوجلاس مديرة برنامج "تشابيا" المشرفة على هذه التجربة، إقامة أربعة أشخاص داخل المنزل لمدة تزيد عن عام، بهدف الاستعداد الجيد لرحلة مستقبلية إلى كوكب المريخ، وتكوين صورة عن الموارد التي ينبغي توافرها للعيش هناك، وقياس أدائهم وقدراتهم بعد العودة.
وأقيم المنزل الذي سُمِّي "مارس دون ألفا"، في مركز ناسا للأبحاث في مدينة هيوستن بولاية تكساس، بمساحة تبلغ 160 متراً مربعاً، ويتكون من أربع غرف نوم، وقاعة للتمارين، ومزرعة عمودية، كما أن هناك غرفاً مخصصةً للعمليات الطبية، وأماكن للاستراحة والعمل، نقلاً عن سي إن إن.
ويتميز المنزل بأنه تأسَّس بتقنية ثلاثية الأبعاد، وهي إحدى التقنيات التي تدرسها وكالة ناسا لاعتمادها في بناء مساكن على الكواكب الأخرى أو القمر.
وهذه المحاولات ستخدم البشرية لإيجاد حياة آمنة بعيداً عن التغيرات المناخية التي تجعلنا نعيش في ظروف قاسية لم نَعُد قادرين على تحمُّلها، وقد شاهدنا الكثير منها خلال هذا العام وخلال السنوات الماضية.
رؤى عربية
استطلعت "جرين بالعربي" آراء عدد من مواطني الدول العربية لمعرفة رأيهم حول فكرة الانتقال إلى المريخ؛ إذ قال فؤاد سلوي من اليمن إنه لا مانع لديه من العيش على المريخ، مؤكداً: "إذا كانت الحياة في الكوكب الآخر أفضل فلن أفكِّر في العودة".
بدورها، أوضحت يسرا من السودان أنها ترغب في الذهاب إلى المريخ، هرباً من الحروب وسلوكيات البشر، وتمنَّت ألا يُلاحِقها الدمار أيضاً هناك.
بينما عارضت الفكرة رحاب من مصر، قائلةً: "الحياة على المريخ ستكون أصعب من الأرض؛ بسبب قلة الأكسجين، والطبيعة الصخرية، وقلة الجاذبية، وكثرة الإشعاع".
وأيدتها في الرأي أماني فولي من جيبوتي، قائلةً: "صحراء الكرة الأرضية أفضل من الذهاب إلى المريخ!"، لكن شيماء من مصر اعتبرت أن المريخ يمكن أن يكون ملاذاً. إذا كانت وسائل المواصلات مجانية، والحياة أفضل فلا مانع من التجربة.