لمواجهة الاحترار.. التغيرات المناخية تفرض على المزارعين الحصاد ليلًا


إسراء محمد
الاثنين 25 سبتمبر 2023 | 08:01 مساءً

لمواجهة ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة، فرضت آثار التغيرات المناخية على المزارعين حصاد المحاصيل ليلًا.

وشهدت المناطق الزراعية في كافة أنحاء الولايات المتحدة حصاد المحاصيل في منتصف الليل للحفاظ عليها من التلف.

ورغم نقص البيانات المتوافرة حول مدى انتشار الحصاد الليلي، لكن الخبراء والعاملين في المجال أكدوا أن هذه الممارسة ستكون جزءاً هاماً من مستقبل الزراعة.

مبادرات التكيف

في عام 2020، بدأ مارك هاينز العمل في الزراعة بولاية ميريلاند الأمريكية، لكن الطقس المتطرف دفعه تدريجياً إلى العمل مساءً، حتى أصبح يقوم بمهامه في الساعة 9 مساءً حتى الثانية صباحاً، وفق صحيفة "واشنطن بوست".

خلال الفترة المسائية، يقطف هاينز محاصيل الطماطم والقرع والخس، على ضوء المصباح بدلاً من ضوء النهار المحمل بالحرارة الحارقة، كما يقوم بوضع علامة مضيئة على الطوق الخاص بكلبه الصغير لزيادة الإضاءة.

وبحسب هاينز ومزارعين آخرين، من الأسهل الحفاظ على طعم وملمس المنتجات في درجات حرارة أكثر برودة، كما أن تخزين الفواكه والخضراوات المبردة يتطلب طاقة أقل قبل بدء عمليات نقلها.

بدوره يصف آلان شرايبر المدير التنفيذي لعدة مفوضيات معنية بالزراعة في ولاية واشنطن، الحرارة بأنها "عدو" المنتجات العالية الجودة، مشيراً إلى ضرورة التكيف مع الطقس الذي أصبح أكثر حدة.

وأشار شرايبر إلى ضرورة الزراعة والحصاد خارج المواعيد التقليدية؛ وذلك لمواجهة الآثار السلبية للتغيرات المناخية.

وبحلول نهاية القرن، يمكن أن يزيد التغير المناخي معدلات تلف المحاصيل في مختلف أنحاء العالم بما يتراوح بين 5 و10 أضعاف ما توقعته النماذج المناخية التقليدية، وفق دراسة نشرتها مجلة الجمعية الاقتصادية الأوروبية في 2021.

ومن المتوقع أن يكلف الاحتباس الحراري قطاع الزراعة 4.65 مليار دولار أمريكي سنوياً بحلول عام 2030، بحسب مركز أبحاث المجلس الأطلسي.

نمو أسرع

وتختلف التكاليف الإضافية الناتجة عن الحصاد ليلاً بين المزارعين؛ إذ يكتفي البعض بشراء كشافات الإنارة، في حين يلجأ آخرون إلى شراء آلات مصممة خصيصاً للزراعة خلال ساعات الليل.

ويرى دانييل سومنر أستاذ الاقتصاد الزراعي في جامعة كاليفورنيا، أن تزايد درجات الحرارة سيؤدي إلى انتشار الفكرة في المناطق التي يمكن فيها تنفيذ الأمر، مشيراً إلى أن الإمكانية هنا تعني القدرة على تحقيق أرباح.

ورغم شيوع فكرة الحصاد الليلي بصورة أكبر خلال فترات ارتفاع درجات الحرارة، فإن هذه الممارسة قديمة للغاية، بحسب رأي سومنر.

وهناك فوائد عديدة للزراعة والحصاد خلال ساعات الليل؛ إذ يمكن أن تساعد درجات الحرارة الباردة في تخفيف الضغط على النباتات، وتساهم في تقليل فقدان المياه؛ لأن معدل التبخر عادةً ما يكون أقل مقارنة بفترة النهار، وغالباً تتراجع قوة الرياح في تلك الفترة بما يمنع تلف النباتات الحساسة.

وفي الليل، تسمح درجات الحرارة الباردة بالتعامل بشكل أفضل مع الإجهاد؛ ما يحول دون ذبول أو تلف النباتات، كما أن غياب الضوء يحفز نموها بشكل أسرع أثناء الليل مقارنة بالنهار، نقلاً عن "Flourishing Plants".

وتبين أن النباتات تنشط في الليل بالقدر الذي تنشط فيه أثناء النهار، لكن أنشطتها تبدو مختلفة تماماً؛ لأنها لا تقوم بعملية التمثيل الضوئي ليلاً، لكنها تركز على التنفس وإصلاح أي ضرر لحق بها خلال النهار، وفق موقع "Backyard Boss".

تقنيات زراعية

ومع وصول درجات الحرارة في فصل الصيف إلى حاجز الـ50 درجة مئوية، لجأ المزارعون في دولة الإمارات إلى التقنيات الحديثة للتغلب على الموجات الحارة.

وتشمل تلك التقنيات استخدام أصناف المحاصيل المرنة التي تتحمل الجفاف، إضافة إلى الأسمدة المحسنة، وإدخال تقنيات الزراعة العمودية لتحسين استخدام الأراضي، وتركيب هياكل الصوبات الزراعية لحماية المحاصيل من الظروف المناخية القاسية، نقلاً عن "The National News".

وقالت روما فورا المؤسس المشارك لمزارع أرانيا في أبوظبي: "ارتفاع درجات الحرارة في الصيف أصبح أكثر شدة؛ ما أدى إلى تغييرات في جداول الزراعة والحصاد (...) نبحث باستمرار عن طرق جديدة لتحسين الإنتاج والحفاظ على الجودة".

وقامت مزارع أرانيا بالتحول من المزارع الرأسية إلى الإنتاج العضوي؛ ما سمح لها بزراعة مجموعة واسعة من المحاصيل في التربة، مثل الخيار والطماطم والباذنجان والقرع ومختلف الفواكه والخضراوات الأخرى.

وقال الدكتور محمد العون مستشار الأمن الغذائي وخبير الزراعة الذكية، إنه ينبغي للمزارعين تبني ممارسات زراعية مستدامة مثل الزراعة الدقيقة والزراعة العمودية، والتعاون لتعزيز الإنتاج والاستهلاك المستدامين، والاستثمار في برامج بناء القدرات، وتشجيع البحث والابتكار في مجال الزراعة.