نفايات الأحذية.. كيف تكون خطواتنا صديقة للأرض؟


محمد رمضان
السبت 15 ابريل 2023 | 03:35 مساءً
زوج واحد من الأحذية ينتج 13.6 كيلوجرام من CO2
زوج واحد من الأحذية ينتج 13.6 كيلوجرام من CO2

بات العالم مرهوناً بتوقيت التغيرات المناخية، ويضبط الكوكب ساعته على درجاتها، وفي المنتصف يقف مليارات البشر في قفص الاتهام بسبب صناعات ضرورية لكل إنسان مثل الأحذية، لكنها تحمل مستويات كربونية تخل بالتوازن البيئي.

ورغم أن الأحذية من الأساسيات لكن يتم التخلص منها بالأطنان كل عام، ووصلت مشكلة نفايات الأحذية العالمية إلى نقطة لا يمكن تجاهلها، حيث تكشف تقارير أن صناعة الأحذية العالمية ستبلغ قيمتها أكثر من 95 مليار دولار بحلول عام 2025.

ولا تتوقف محاولات صناع وتجار الأحذية حول العالم لإقناع المستهلكين بشراء المزيد منها، كخطوة تزيد الطلب على الإنتاج، ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "Unsustainable" فإنه يتم تصنيع أكثر من 20 مليار حذاء كل عام.

تصنيع الأحذية ينتج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون - مشاع إبداعيتصنيع الأحذية ينتج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون - مشاع إبداعي

الخطورة تكمن في أن عملية التصنيع تنتج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون؛ إذ إنها مسؤولة عن 1.4٪ من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، ولك أن تتخيل أن زوج من الأحذية الرياضية يصدر عنه 30 رطلاً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهي كمية قادرة على الحفاظ على إضاءة مصباح كهربائي بقوة 100 واط لمدة أسبوع.

عملية تصنيع الأحذية حول العالم تنتج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وباتت مسؤولة عن 1.4٪ من انبعاثات غازات الدفيئة على سطح كوكب الأرض

الأحذية مصنوعة من مركبات تستغرق سنوات حتى تتحلل بيولوجياً، صحيح أنه لا يمكن رؤية تأثيرها على البيئة بشكل فوري، لكنها لحظة إنتاجها حتى نهاية دورتها الافتراضية فإنها تضر الكوكب حيث تطلق مواد كيميائية سامة تؤثر سلباً على صحتنا، كما أنها ضارة بكوكبنا والحياة البرية.

تحلل الأحذية بيولوجياً يأخذ مدة طويلة - مشاع إبداعي

أضرار كارثية

في الولايات المتحدة، يتم إلقاء أكثر من 300 مليون زوج من الأحذية كل عام، 95٪ منها ينتهي بها المطاف في مكبات النفايات، لكن ماذا يحدث بعد ذلك وما الذي يمكننا فعله لتقليل هذه الآثار الضارة؟

بعد أن ينتهي مصير الأحذية في مكبات النفايات فإنها تلوث البيئة عن طريق انبعاث مواد كيميائية في التربة والمياه الجوفية، وتطلق الأصباغ معادن ثقيلة ضارة بينما يتحلل النعل إلى مواد كيميائية مثل البولي يوريثين.

حرق الأحذية ليس حلاً جيداً أيضاً؛ إذ تطلق المزيد من المواد الكيميائية في الغلاف الجوي، مما يساهم في المزيد من تلوث الهواء، وهذه المواد الكيميائية هي مخاطر صحية لا يمكن إنكارها تدخل أجساد البشر، والتكاليف الصحية للتلوث كارثية والسرطان أحد أبرزها.

ولعل جزء كبير من تأثير ضرر الأحذية يأتي من التصنيع والحصول على المواد الخام لإنتاجها، حيث يستخدم المصنعون الوقود الأحفوري أو الفحم لتشغيل مصانعهم، وينتج عن حرق هذه الأنواع من الوقود ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة الأخرى، ثم تدخل هذه الغازات إلى الغلاف الجوي.

والنقل أيضاً هو عامل آخر ملوث للهواء في إنتاج الأحذية، فمعظم الشركات توظف مصادر عمالة رخيصة في الدول النامية، وبعد الإنتاج يحتاجون إلى نقل الأحذية بالسفن والطائرات، بالإضافة إلى ذلك فهم بحاجة إلى شاحنات لتوصيل منتجاتهم إلى تجار التجزئة.

وتتخلص المصانع من نفاياتها في مكبات عادية أو يتم صبها في الصرف الصحي، وهذه الممارسات غير الأخلاقية تطلق الأصباغ والمواد اللاصقة وتبقي على المواد الكيميائية في البيئة.

صعوبة التخلص من الأحذية

تبدو أكثر الطرق شيوعاً للتخلص من الأحذية ضارة بالبيئة، هي رميها في مكبات النفايات وحرقها، وهذه طرق سهلة لإطلاق المواد الكيميائية السامة في الغلاف الجوي، ويساهم في تلك الطريقة أن العديد من شركات الأحذية لا تأخذ في اعتبارها إعادة تدوير منتجاتها.

إعادة تدوير الأحذية يختلف حسب كل نوع - مشاع إبداعيإعادة تدوير الأحذية يختلف حسب كل نوع - مشاع إبداعي

الأجزاء المعدنية في الأحذية تجعل عملية إعادة تدويرها صعبة للغاية؛ حيث يمكن أن تبقى النعال الممتصة للمواد المضرة بالبيئة في مدافن النفايات لمدة 1000 عام، ولذلك ليس هناك مفاجأة من إعادة تدوير كمية صغيرة فقط من الأحذية.

وتحتوي معظم الأحذية المصنوعة بالطرق التقليدية على مواد لا يمكن أن تتحلل في فترة زمنية قصيرة، لأنها مصنوعة من البلاستيك والمواد اللاصقة التي لا تتحلل بسهولة.

تحلل الأحذية بيولوجياً قد يختلف من نوع لآخر فالأحذية المصنوعة من المواد الطبيعية تستغرق من 25 إلى 80 عاماً للتحلل لكن أخطرها المواد الاصطناعية المصنوعة من البلاستيك والتي قد تحتاج ألف عام للتحلل

وقد يستغرق الأمر من 25 إلى 1000 عام حتى يتحلل الحذاء بيولوجياً، ففي حين أن المواد الطبيعية تستغرق من 25 إلى 80 عاماً للتحلل، والأحذية الجلدية تظل ما بين 25 إلى 40 عاماً لتتحلل، والأحذية المطاطية من 50 إلى 80 عاماً للأمر نفسه، فإن المواد الاصطناعية المصنوعة من البلاستيك تستغرق وقتاً أطول بكثير، حيث تصل إلى 1000 عام حتى تتحلل.

بيت الداء

وجدت دراسة أجريت عام في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن زوجاً من أحذية الجري ينتج 13.6 كيلوجرام من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ومع الاعتماد على أن أحذية الجري والأحذية الرياضية تتحمل قوة أكبر من نظيرتها العادية، لأنه يتم تصنيعها من مواد بلاستيكية مشتقة من البترول، وفي النهاية فإن هذه المواد مسؤولة عن 1.4٪ من انبعاثات الاحتباس الحراري العالمية.

القطن الموجود في الأحذية الرياضية ضار أيضاً لأن إنتاج القطن يتطلب موادا كيميائية، أما الأحذية الجلدية فهي ملوثة للبيئة لأنها مرتبطة بتربية الماشية، والتي تؤدي بدورها إلى زيادة انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري وإزالة الغابات، وإضافة لذلك فإن المواد الكيميائية المستخدمة لتقوية المواد لها آثار ضارة على الكوكب.

ويحتاج معظم البشر إلى استبدال أحذيتهم كل 8-12 شهراً، لأن أحذية الجري على سبيل المثال تتهالك بشكل أسرع، وتحتاج إلى استبدالها بعد 300-500 ميل من الجري، وفي النهاية فإنها أمور تعتمد جميعها عليك وعلى وزن جسمك والمادة المصنوع منها الحذاء.

قبل التخلص من حذائك القديم فكر جيداً، لأنه عندما يتآكل يمكنك إصلاحه، أو إعادة تدوير أجزائه المختلفة، وربما خيارك الثالث هو التبرع به فما يبدو غير مناسب لك قد يكون مفيداً لشخص آخر، أما إذا كانت حذاؤك بالياً جدًا فحينها يمكنك التخلص منه مضطراً وسيكون لديك عذر.

اليوم يقوم العديد من مصنعي الأحذية بتغيير ممارساتهم لمكافحة مشكلة نفايات الأحذية، حيث يعلمون على إيجاد طرق مبتكرة لتقليل الانبعاثات بما يساعد البيئة، وتبحث العلامات التجارية عن ممارسات مستدامة للحفاظ على الطاقة وحفظ الموارد الطبيعية.

%70 من شركات الأحذية تعمل على أن تكون أكثر استدامة بالتحول إلى مواد أقل ضرراً للبيئة، ورغم أن بعض هذه المواد الأخرى أغلى ثمناً يمكنها أن تساعد البحث عن مواد بديلة أقل تكلفة.

وهناك شركات تتخذ خطوات مبتكرة لمكافحة تلوث نفايات الأحذية، مثل شركة Nike التي أطلقت برنامجاً لإعادة التدوير يحول الأحذية القديمة إلى أرضيات لصالات الألعاب الرياضية وملاعب التنس، كما أن Gucci تعمل على إنتاج مجموعة من الأحذية المصنوعة من البلاستيك الحيوي.

الشركات الصغيرة في أوروبا أيضاً تعمل على إزالة المواد الكيميائية من منتجاتها، وهناك أمل في القضاء على مشكلة نفايات الأحذية مع وجود العديد من الشركات التي يزداد اهتمامها بالاستدامةـ، لكن لا شيء من هذا ممكن بدون تعاون المستهلكين.