العدسات اللاصقة تُصيب البيئة بـ"بالعمى البلاستيكي"


إسراء محمد
الخميس 07 سبتمبر 2023 | 08:53 مساءً
العدسات اللاصقة
العدسات اللاصقة

ربما يكون الأبعد عن التصور على الإطلاق أن العدسات اللاصقة التي تُستخدَم لعلاج مشكلات النظر هي أحد أسباب اختناق الأسماك والكائنات البحرية.

وتشهد الأسواق العربية والأجنبية رواجاً في تصنيع وبيع العدسات اللاصقة، سواء العلاجية أو التجميلية؛ إذ يصل عدد مستخدميها حول العالم إلى 140 مليون شخص.

ووفق موقع "Euronews" فإنه يمكن للأدوات البصرية المساعدة في تصحيح النظر أن تكون مصدراً للتلوث البلاستيكي على المدى البعيد.

تخنق الكوكب

وكشفت دراسة حديثة نشرتها الجمعية الكيميائية الأمريكية، أن العدسات اللاصقة قد تتسبب في تسرب جزيئات بلاستيكية دقيقة إلى العينين.

العدسات اللاصقةوقال باحثون إن العدسات التي يجري ارتداؤها لمدة 10 ساعات يومياً، يمكن أن تُسقِط أكثر من 90 ألف جزيء من البلاستيك الصغير (اللدائن الدقيقة) سنوياً؛ ما يفاقم كذلك أزمة البلاستيك التي تعد السبب الرئيسي وراء العديد من المشاكل البيئية.

وأجرى علماء تجارب على مجموعة من العدسات اللاصقة للكشف عن اللدائن الدقيقة التي تتسرَّب منها؛ وذلك من خلال جمع 6 أنواع من العدسات بعلامات تجارية مختلفة، يُعاد استخدامها أكثر من مرة، وتختلف في عمرها الافتراضي، وتم تخزينها في الماء ووضعها تحت مصباح يحاكي أشعة الشمس، وشطفها بالماء ثلاث مرات كل 10 ساعات.

بعد تعرُّض العدسات لما يعادل 30 أو 90 يوماً من ضوء الشمس، حلل العلماء المياه التي تبقت فيها، واتضح أن العدسات ذات العمر الافتراضي القصير، تُفرِز المزيد من اللدائن الدقيقة التي تهدد الحياة البحرية.

كما أكد بحث علمي أن أكثر من 90% من الطيور البحرية في العالم تحتوي أحشاؤها على البلاستيك، وتبين أنه أكثر من 750 مليون عدسة لاصقة تُلقَى سنوياً في المصارف أو في مكبات النفايات بالمملكة المتحدة وحدها.

السلاحفغير قابلة للتحلل

وتتحلل العدسات اللاصقة إلى أجزاء صغيرة، وتجد اللدائن الدقيقة غير المرغوب فيها طريقها إلى المحيطات؛ ما يضر بالإمدادات الغذائية البشرية ويُعرضها للملوثات التي تسبب مشاكل صحية.

كما كشف استبيان شارك به نحو 1100 مواطن أمريكي لمعرفة مدى الوعي بالعدسات اللاصقة وتأثيرها على الحياة والبيئة، أن 73.9% من المشاركين لا يدركون أنها غير قابلة للتحلل.

فيما أظهر الاستبيان أن 59.7% من مستخدمي العدسات اللاصقة يتخلصون منها بإلقائها في سلة المهملات، وأن 1 من كل 4 تقريباً (23.4%) يلقيها في المرحاض أو البالوعة؛ ما يؤدي إلى تسريب 2.5 مليار عدسة سنوياً إلى الصرف الصحي.

السلاحف

تواجه كل سلحفاة في المحيط ما يقرب من 2.212 عدسة لاصقة، وربما تنتهي المواجهة بموت السلحفاة اختناقاً بسبب النفايات البلاستيكية.

ووفق دراسات مختلفة نقلها موقع "MyVision"، فإن المواد البلاستيكية المستخدمة في العدسات اللاصقة يمكن أن تستغرق من 100 إلى 500 عام لتتحلل، وحتى بعد ذلك ستتحول إلى لدائن دقيقة ستظل عالقة بالبيئة.

كما أكدت دراسة تجريبية أخرى في العلوم البيئية والتكنولوجيا التابعة لـACS، أن العدسات اللاصقة التي تتعرض لأشعة الشمس، تُطلق جزئيات دقيقة للغاية من البلاستيك، ولحل المشكلة تسعى بعض الشركات حالياً إلى تصنيع العدسات من الصويا حتى تكون قابلة للتحلل.

رواج تجاري

وبلغت قيمة سوق العدسات اللاصقة في الشرق الأوسط 987.6 مليون دولار أمريكي في 2022، ومن المتوقع أن تنمو بمعدل سنوي مركب قدره 4.4% بين عامَي 2023 و2030، لتصل إلى 1405.22 مليون دولار أمريكي في عام 2030، نقلاً عن "Globe Newswire".

وتعد العدسات اللاصقة من الصناعات المزدهرة في الدول العربية، وخاصةً أن هناك إقبالاً كبيراً على التجميلية منها؛ حيث من المتوقع أن يحقق قطاع العدسات اللاصقة في دولة الإمارات العربية المتحدة عائدات تبلغ 43.43 مليون دولار أمريكي في عام 2023، بمعدل نمو سنوي يبلغ 3.76%. ورغم الازدهار في الصناعة، فإنه يسلط الضوء على مزيد من النفايات البلاستيكية.

العدسات اللاصقةكما يشهد سوق العدسات اللاصقة في الإمارات تحولاً نحو العدسات التي تُستخدَم لمرة واحدة يومياً بسبب المخاوف المتزايدة بشأن حماية العينين من الملوثات، ولكن يؤثر الأمر سلباً على البيئة.

فيما يُحقِّق قطاع العدسات اللاصقة في السعودية نجاحاً كبيراً، ومن المُرجَّح أن تصل العائدات إلى 102.60 مليون دولار أمريكي في عام 2023.

وبحسب موقع The Optical Journal، فإن ارتداء النظارات الطبية يأتي بين أفضل الحلول المستدامة التي تُقلِّل من خطر اللدائن البلاستيكية، في وقت لا بدَّ فيه من التقليل من استهلاك تلك العدسات السامة للبيئة.