التغيرات المناخية شبح يهدد المحطات النووية بالعالم


فيروز ياسر
الاثنين 28 اغسطس 2023 | 11:49 مساءً

في 16 يوليو 1945، شهد العالم إجراء أول تجربة نووية وهي التجربة التي كانت نقطة انطلاق لما يزيد عن ألفَي تجربة لاحقة للأسلحة النووية، باعتبارها دليلاً على التطور العلمي والقوة العسكرية، ولم يُولِ أحد اهتماماً لآثارها المدمرة على حياة الإنسان ومخاطرها الكارثية على الغلاف الجوي.

وللتذكير بتلك التداعيات القاتلة، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع بتحديد 29 أغسطس يوماً دولياً لمناهضة التجارب النووية وزيادة الوعي بشأن آثارها الخطيرة.

وإن كانت التجارب النووية سبباً في تدمير الغلاف الجوي وأحد العوامل التي ساهمت في ظاهرة تغير المناخ، فإن آثار الاحتباس الحراري التي نشهدها حالياً، تلقي كذلك بظلالها على المحطات والمفاعلات النووية المنتشرة في عدد من دول العالم.

وعادةً ما تُبنَى المحطات النووية بالقرب من البحر؛ لاحتياجها إلى مصادر كبيرة من المياه لتبريد المفاعلات. وفي ظل الاحترار المرتفع، فإن بناء المحطات بعيداً عن السواحل يضعها في مواجهة مع خطر الفيضانات

عواقب وخيمة

وباتت محطات الطاقة النووية في الخطوط الأمامية مع التغيرات المناخية؛ إذ جرى بناء ما لا يقل عن 100 محطة على ارتفاع أمتار قليلة فوق سطح البحر؛ ما ينذر باحتمالات غير محمودة العواقب.

وعادةً ما تُبنَى المحطات النووية بالقرب من البحر؛ لاحتياجها إلى مصادر كبيرة من المياه لتبريد المفاعلات. وفي ظل الاحترار المرتفع، فإن بناء المحطات بعيداً عن السواحل يضعها في مواجهة مع خطر الفيضانات، إضافة إلى الجفاف الشديد وحرائق الغابات، وفق موقع "The Conversation".

ووفق بيانات علمية حديثة، فإن من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر على مستوى العالم بدرجة أكبر وأسرع من التوقعات السابقة. ومع زيادة تواتر الظواهر الجوية المتطرفة خلال العقود المقبلة، ستؤدي الرياح الشديدة والضغط الجوي المنخفض إلى حدوث عواصف أكبر تهدد المنشآت الساحلية، ومنها المحطات النووية.

الأكثر تضرراً

في الولايات المتحدة الأمريكية، يهدد الطقس الحار والفيضانات والإجهاد المائي 57 محطة نووية خلال الـ20 عاماً القادمة، وكشف التحليل الذي نشرته وكالة "موديز إنفستورز سيرفيس"، أن عواقب التغير المناخي يمكنها التأثير على كافة جوانب عمليات المحطة النووية؛ بدءاً من معالجة الوقود وتوليد الطاقة، وصولاً إلى الصيانة وأنظمة الأمان ومعالجة النفايات.

واستخدم المحللون بيانات من شركة Four Twenty Seven – وهي شركة تقدم معلومات عن المخاطر المناخية – لفحص التهديدات التي تواجه تشغيل المحطات النووية؛ إذ قال ديفيد كامران المسؤول عن التقرير: "يبدو أن جميع المحطات تشهد نوعاً من مخاطر المناخ التي ستتفاقم خلال العشرين عاماً القادمة".

ما أشارت إليه الدراسة التي نشرتها مجلة العلوم الأمريكية أن مرافق التوليد النووي تعتمد على مصادر المياه الخارجية للتبريد؛ لذلك تقع الغالبية العظمى بالقرب من الأنهار والبحيرات والمحيطات؛ ما قد يعرضها للفيضانات والعواصف التي يمكن أن تلحق الضرر بالمعدات الحيوية؛ حيث أظهرت بيانات الشركة أن 37 جيجاوات من القدرة النووية الأمريكية معرضة بشكل مفرط لخطر الفيضانات.

كما أن المنشآت الموجودة في الغرب الأوسط وجنوب ولاية فلوريدا (جنوب شرق) مُعرضة لخطر انخفاض قدرة محطات توليد الطاقة النووية بسبب ارتفاع درجات الحرارة. وكشف تقرير شركة Four Twenty Seven أن ارتفاع درجة حرارة المياه الواردة لتبريد وتكثيف البخار، قد تؤدي إلى إجبار محطات الطاقة على تقليص الإنتاج أو الإغلاق مؤقتاً.

وتواجه فرنسا المشكلة نفسها؛ حيث أُجبرت محطات الطاقة النووية على تقليل الإنتاج بسبب ارتفاع درجات حرارة الأنهار؛ لضمان أن المياه المستخدمة لتبريد المحطات لا تضر بالبيئة عند إعادتها إلى المجاري المائية؛ فعلى سبيل المثال، اضطرت شركة Electricite de France الفرنسية إلى طلب إعفاءات لعدة مفاعلات الصيف الماضي تزامناً مع موجات الحر الشديدة.

بدوره قال رنارد دوروشوك رئيس شركة Autorite de Surete Nucleaire ببلدة مونروج (جنوب باريس)، في تصريح لـ"بلومبرج" إنه يجب توقع المزيد من عواقب التطورات المناخية على المنشآت النووية القائمة أو المستقبلية.

وبناءً على الآثار السلبية للمناخ، نوهت مجلة العلوم الأمريكية بضرورة التركيز على الظواهر المناخية المتطرفة عند بناء محطات طاقة نووية جديدة، لا سيما في ظل افتراض الأسوأ، من جراء ضعف صمود البنية التحتية للمنشآت الحالية أمام الكوارث المناخية، كما قد تصبح بعض المفاعلات قريباً غير صالحة للعمل.