تنطفئ أضواء صالة السينما وتُضاء الشاشة الفضية، فتتعلق نظرات المشاهدين بالبداية المشوقة للفيلم وقت ظهور قرش عملاق يلتهم كل ما حوله دون أن يرف له جفن، ليدب الرعب في قلوب الجميع، متسائلين: ماذا لو كان هذا النوع من القروش حياً حتى الآن؟
"الميجالودون المنقرض" لا يزال يحير الجميع، وأولهم العلماء؛ حيث احتل الوحش المفترس المحيطات لمدة تصل إلى 20 مليون عام، قبل انقراضه منذ 3.5 ملايين عام في وقت لم يُصادف فيه البشر.
ورغم ظهوره لأول مرة على شاشات السينما منذ 5 أعوام بالجزء الأول لفيلم The Meg فإنه يعود من جديد بالجزء الثاني The Meg 2 ويُعرض حالياً في دور العرض السينمائية.
النظرة الثاقبة للعلماء خلال السنوات القليلة الماضية، نتج عنها معلومات صادمة عن القرش العملاق بداية من طريقة حياته إلى سبب انقراضه، واتضح أن التغيرات المناخية متورطة في اختفائه.
انخفاض الغذاء الوفير بسبب اضطراب مستويات سطح البحر لم يلبِّ متطلباته وحصوله على الطاقة؛ لذا اختفى الميجالودون ولم يتبقَّ سوى أسنانه للقيام بأبحاث عليها
انقراض مناخي
بحسب دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم "PNAS"، ينتمي الكائن المفترس ذو الفك العملاق إلى فئة الحيوانات ذوات الدم الحار؛ حيث أشارت تحليلات الكربون والأكسجين في الأسنان الأحفورية إلى أن درجة حرارة جسم الميجالودون أعلى بنحو 7 درجات مئوية من حرارة مياه البحر في ذلك الوقت.
والدم الحار للقرش العملاق سلاح ذو حدين؛ إذ ساعده على الوصول إلى 20 متراً ليصبح من أكبر الحيوانات الآكلة للحوم التي تعيش على الأرض، غير أن شراهته كانت أحد أسباب هلاكه.
ووفق عالم الكيمياء الحيوية البحرية بجامعة كاليفورنيا روبرت إيجل، فإن التغيرات المناخية التي شهدها القرش خلال حقبة البليوسين (تمتد من 5.3 مليون إلى 2.6 مليون عام) أدت إلى انهيار أعداد الثدييات البحرية، وهي مصدر غذائه الأساسي؛ لذا كان الجوع سبباً في انقراض الميجالودون.
قال جاك كوبر عالم الأحياء القديمة في جامعة سوانسي في ويلز لموقع "ساينس نيوز" إن الأدلة التي حصل عليها الباحثون تؤكد امتصاص الميجالودون للحرارة لرفع درجة حرارة جسمه بكفاءة أكبر من القرش الأبيض العملاق الموجود في الفترة نفسها؛ ما ساعده على السباحة أسرع وزيادة فرص مواجهة الفرائس.
وأضاف كوبر: "لكن انخفاض الغذاء الوفير بسبب اضطراب مستويات سطح البحر لم يلبِّ متطلباته وحصوله على الطاقة؛ لذا اختفى الميجالودون ولم يتبقَّ سوى أسنانه للقيام بأبحاث عليها".
هناك خلافات حول حجم القرش الضخم، وما توصلوا إليه أن طوله 15 – 20 متراً، وهذا يعني أنه أطول بــ3 أو 4 أضعاف من معظم أسماك القرش البيضاء الموجودة الآن بالمحيطات
التطور المخيف
سورا كيم عالمة الجيوكيمياء البيئية بجامعة كاليفورنيا، درست أسنان الميجالودون لمعرفة الحجم والشكل الحقيقي ومقارنتها بالكائنات الأخرى، لكن أغلب النتائج ليست مؤكدة، ولم تتجاوز حدود التقديرات فحسب.
كما أن هناك خلافات حول حجم القرش الضخم، وما توصلوا إليه أن طوله 15 – 20 متراً، وهذا يعني أنه أطول بــ3 أو 4 أضعاف من معظم أسماك القرش البيضاء الموجودة الآن بالمحيطات، ورغم ذلك يفقد الميجالودون هيبته أمام حيتان البالين التي تصل طولها إلى 30 متراً، وفقا لموقع "بي بي سي" البريطاني.
وبحسب ما توصل إليه عالم الأحياء القديمة كينشو شيمادا بجامعة دي بول في شيكاغو، فإن الميجالودون كان ينمو داخل رحم أمه، ولا يخرج إلى الحياة بالطريقة التقليدية للأسماك عبر وضع البيض.
كما يأكل الميجالودون الجنين كذلك البيض الآخر خلال تلك الفترة؛ ما يساعده على النمو بسرعة كبيرة ووصول طوله إلى مترين عند ولادته، وفقاً لما نشرته المجلة العلمية لعلم الأحياء التاريخي.
رغم عدم وجود الميجالودون في عالمنا الحالي، فإن القرش الحوتي البالغ طوله 20 متراً تقريباً يوجد حتى الآن، ويعد من أكبر أسماك القرش، لكنه ليس مفترساً مثل الميجالودون، بل يتغذى على العوالق ويقطع مسافات طويلة للعثور على ما يكفي من الغذاء للحفاظ على حجمه الضخم والتكاثر.