الشباب العربي.. دروع التوعية في مواجهة التغيرات المناخية


سلمى عرفة
السبت 15 يوليو 2023 | 12:30 مساءً

في عمر القوة يقف الشباب حلقة وصل بين الأجيال، فئة قادرة على تبني كل جديد، ورسم ملامح ابتكارات قادرة على تقدم أوطانهم في كل المجالات، ومن هنا لم تتردد الأمم المتحدة في اختيار يوم 15 يوليو من كل عام ليكون يوماً دولياً لمهارات الشباب.

منطقة العالم العربي تصنف من المناطق التي تضم سكاناً من فئة الشباب حول العالم، فـ50% من السكان تقل أعمارهم عن الـ25 عاماً، وفقاً لإحصائيات أممية.

الإحصائيات الرسمية للدول العربية المختلفة تشير إلى الأمر نفسه، ففي المملكة العربية السعودية، تتخطى نسبة من تقل أعمارهم عن الـ30 عاماً 60% من المواطنين، وتمثل تلك الفئة أيضاً 54% من سكان الجزائر.

أما مصر فتشكل الفئة العمرية التي يتراوح سنها بين 18 و29 عاماً ما يزيد على 21% من سكان مصر، بينما يقع عمر 50% من سكان الإمارات تقريباً بين 15 و35 عاماً.

هذه النسبة المرتفعة أدت إلى انطلاق العديد من المؤسسات البيئية التي يقودها شباب يعملون على التصدي للظاهرة الأهم التي يشهدها كوكبنا "التغيرات المناخية".

الجامعة كلمة السر

داخل أروقة جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، بدأت رحلة الشابة السعودية إيمان الحجي نحو العمل المجتمعي، عندما انضمت خلال مرحلة الدراسات العليا، إلى مقررات تتناول الطاقة والهندسة المستدامة.

شاركت إيمان في حلقات نقاشية حول مفهوم الاستدامة، ومن هنا بدأ شعورها بضرورة المشاركة في التغيير، وشيئ فشيئ بدأت الأفكار تتبلور داخل رأسها، بخاصة بعد لقاء آخرين يشاركونها الاهتمامات نفسها.

إحصائيات أممية تصنف العالم العربي ضمن المناطق التي تضم سكاناً من فئة الشباب حول العالم فـ50% من السكان تقل أعمارهم عن 25 عاماً

في حديث سابق إلى الأمم المتحدة، تروي الشابة السعودية الحاصلة على درجة الدكتوراه في هندسة وعلوم المواد، كيف نجحت في تأسيس منظمة الشباب السعودي للاستدامة التي تهدف إلى إقامة روابط بين الشباب للمساهمة في التغيير نحو مستقبل مستدام ضمن رؤية المملكة 2030.

تتيح المؤسسة فرصة الانضمام أمام الطلاب، والمجموعات الطلابية، علاوة على داعمي التأثير من أصحاب المهن المختلفة، كما تنظم برامج عدة من بينها برنامج حوار استدامة الطاقة الذي أعلنت عنه مؤخراً، ومن المقرر أن يجري في جامعات مختلفة على شكل نقاشات.

بحسب الموقع الرسمي للمنظمة، يهدف البرنامج إلى دفع الشباب إلى التفكير في مسألة استدامة الطاقة، ومن المقرر أن يجري على شكل نقاشات في جامعات مختلفة.

أما برنامج "وعي مستدام" فيتضمن العديد من الأهداف من بينها تدريب المستفيدين على نشر الأفكار الإبداعية في سبيل التنمية المستدامة عند الأطفال من خلال الألعاب.

مجلس للتغير المناخي

في عام 2017، انطلق في العاصمة الإماراتية أبوظبي مركز الشباب العربي بهدف المساهمة في تمكين تلك الفئة في منطقتنا، عبر دعم المبادرات والمشروعات التي يعملون عليها، إضافة إلى توطيد العلاقات بينهم من خلال الملتقيات المختلفة.

إحدى المبادرات التي أطلقها شباب المركز هو مجلس الشباب العربي للتغير المناخي الذي يعمل على نشر الوعي البيئي بين تلك الفئة، ومساعدتهم في خلق حلول مبتكرة تخص المناخ، وتوصيل تلك الحلول بالجهات المعنية.

المجلس قدم برنامجاً تعليمياً حول التغير المناخي عبر الإنترنت متوفر بثلاث لغات: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، كما تتوافر المادة بعدة أشكال مختلفة مكتوبة، أو صوتية، أو عبر مقاطع فيديو مسجلة أو على هيئة رسوم متحركة.

شباب يحب مصر

ثلاثة آلاف متطوع هو العدد الذي انضم حتى الآن إلى منظمة "شباب بتحب مصر" التي أسسها الشاب أحمد فتحي، والتي تعمل في عدة مجالات بيئية أبرزها مواجهة التلوث البلاستيكي عبر أنشطة التنظيف، والمساعدة في خلق فرص العمل في المجالات الصديقة للبيئة.

الأمر لم يتوقف على الأنشطة الميدانية فحسب، بل امتد إلى المنصات الإلكترونية كذلك، فمبادرة "خلق الله في مصر" التي هدفت إلى توثيق المحميات الطبيعية والحياة البرية جمعت قرابة 40 مليون مشاهدة، بحسب الموقع الرسمي للمؤسسة.

قبل عامين بات الشاب المغربي سعد عابد أول شخص من القارة السمراء يحصل على جائزة خريج العقد لبرنامج IVLP للابتكار الاجتماعي والتغيير

المشروعات التي أعلنت عنها الجمعية تتضمن تدريب مئات الشباب على التنمية المستدامة والقضايا المتعلقة بالبيئة والمناخ مثل تدوير النفايات والتنوع الحيوي وغيرها.

برنامج الرواد البيئيين الذي أطلقته المؤسسة بالتعاون مع منظمات أجنبية هدفه الخروج بعدد من المشروعات الناشئة علاوة على إعداد مدربين آخرين ينشطون في محيطهم.

منظمة بحري

على ساحل المملكة المغربية، تنشط منظمة "بجري" التي أسسها الشاب المغربي سعد عابد في 2010، لتكن جهوده في سبيل حماية البيئة وحماية السواحل المغربية بالتحديد، السبب في شهرته الدولية لاحقاً.

عابد نظم أكبر حملة لتنظيف الشواطئ في تاريخ بلاده، والتي شارك بها ما يزيد على خمسة آلاف شخص في يوم واحد فقط. وبحسب الموقع الرسمي للمنظمة، نجحت "بحري" في إتمام 60 مشروعاً، وتخطى مجموع حملات التنظيف التي قامت بها الجمعية 220 يوماً منذ عام 2017.

قبل ما يزيد على عامين، بات "عابد" أول شخص من القارة السمراء يحصل على جائزة خريج العقد لبرنامج IVLP للابتكار الاجتماعي والتغيير.

وقود التوعية

في حديثه إلى "جرين بالعربي"، يصف أستاذ علم الاجتماع البيئي بجامعة عين شمس في مصر الدكتور حاتم عبدالمنعم، دور الشباب بـ"الأهم في مواجهة التغيرات المناخية".

وصنّف أبعاد دور الشباب العربي إلى قدرتهم على توعية كافة فئات المجتمع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، علاوة على دورهم البارز في تنفيذ ممارسات الحفاظ على البيئة والعمل الميداني مثل حملات التشجير، ومشاركتهم في المدارس والجامعات ومقرات العمل.

أستاذ علم الاجتماع البيئي أشار كذلك إلى دور الشباب في الجانب التشريعي، والمشاركة سن قوانين لحماية البيئة وهو الأمر الذي يصب في صالح الجميع، مؤكداً ضرورة إعداد الشباب وتوفير التعليم اللازم لهم، حتى يتمكنوا من القيام بذلك الدور بطريقة صحيحة، عن طريق إدخال مفاهيم التنمية المستدامة وقضايا التلوث، والأثر البيئي في كافة المقررات الدراسية بداية من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية.

"عبدالمنعم" نبه إلى الأضرار التي تقع على فئة الشباب بفعل التغيرات المناخية، فالأجيال الأكبر سناً قضت فترات أطول من عمرها في بيئة ذات درجات أقل من التلوث، على عكس فئة الشباب الحالية ما أدى إلى انتشار المشكلات الصحية بينهم بدرجة أكبر، وبالتالي فإن خفض التلوث يعود بفائدة أكبر عليهم.

ويختم حديثه مؤكداً على مسألة الوعي في التعامل مع قضايا البيئة، فعلى سبيل المثال سائق السيارة ذات نظام عوادم تالف لا يقل خطورة عن استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، وكل ذلك نتيجة تراجع الوعي.