قروش تمشي على اليابسة.. تطور لافت في مواجهة التغيرات المناخية


فيروز ياسر
الاحد 19 مارس 2023 | 06:43 مساءً
القرش الكتفي
القرش الكتفي

كغيرها من الكائنات تكافح أسماك القرش للنجاة من مغبة التغيرات العالمية، ولكنها تختلف في طريقة التأقلم مع الأزمة، كوّنها كائنات بحرية قديمة، كسرت جميع قواعد البقاء على قيد الحياة، وتحدت الظروف المناخية الصعبة بالمحيطات عبر التاريخ.

واتخذت أسماك القرش التكيف مع التغيرات المناخية حلا لها بعد أن طورت قدراتها؛ ولهذا درس الباحثون من جامعتي "فلوريدا أتلانتيك" و"جيمس كوك" الأسترالية التغييرات التي حدثت في نوع فريد من أسماك القرش.

تحديات القرش حديث الولادة للبقاء على قيد الحياة

الباحثون حققوا في حركة أجساد أسماك القرش خلال السباحة والسير، حيث راقبوا التطور في سمك القرش الكتفي حديث الولادة من فصيلة "Hemiscyllium ocellatum"، والذي كان يمشي داخل وخارج الماء عن طريق التواء جسمه واستخدام الزعانف كدافعات على شكل مجداف.

لاحظ الباحثون أن أجنة أسماك القرش الكتفية التي نمت في ظروف احترار المحيط الحالي تولد في وقت أبكر من ميعادها، كما أن لديها تكيفات لتحمل الظروف المتغيرة الناتجة عن التقلبات المناخية.

اعتقد الباحثون في البداية أن الاختلاف في شكل الجسم ربما يؤثر على الأداء الحركي للقروش، لذا فحصوا حركاته التي تتضمن السير البطيء والمتوسط والسريع بالإضافة إلى السباحة لحديثي الولادة والصغار في مرحلة الطفولة المبكرة.

نتائج الدراسة أظهرت أن الاختلافات في شكل الجسم لم تغير حركة حديثي الولادة والصغار الأكبر سنا بقليل، وهذا يعني أن جميع سمك القرش الكتفي بأعماره المختلفة قادر على البقاء على قيد الحياة في ظل الظروف المناخية الحالية، وذلك وفقا لمجلة "Integrative & Comparative Biology".

‘‘يستطيع القرش الكتفي إبطاء معدل ضربات القلب والتنفس من خلال خفض طاقة الدماغ ثم يبقى بدون أكسجين لفترة أطول‘‘

كيف طور القرش الكتفي من قدراته؟

هذا النوع من الأسماك يعيش داخل الشعاب المرجانية حول الحاجز المرجاني العظيم في جنوب أستراليا ويتعرض لنقص الأكسجين وارتفاع ثاني أكسيد الكربون إلى جانب زيادة درجة حرارة الماء الناتجة عن التغيرات المناخية.

اللافت في الدراسة أن هذا النوع من القرش قادر على العيش خارج الماء لمدة ساعتين كنوع من الاستجابات الفيسيولوجية للتغيرات المناخية، حيث يستطيع إبطاء معدل ضربات القلب والتنفس، من خلال خفض طاقة الدماغ ثم يبقى بدون أكسجين لفترة أطول بكثير مما يمكن أن يفعله البشر، وذلك حسبما ذكر موقع "بي بي سي".

هروب القرش الكتفي من المحيطات للأرض

تستطيع أسماك القرش السير على الأرض لمسافة 98 قدما أي ما يُعادل 29.4 مترا وذلك حسبما ذكر موقع "ديلي ميل" البريطاني.

أوضحت ماريان بورتر، أستاذة الميكانيكا الحيوية في قسم العلوم البيولوجية، أن أسماك القرش تتمتع بقدرة فائقة على عبور الأرض للتواجد في ظروف أكثر ملائمة مقارنة بالكائنات البحرية الأخرى.

يوجد هذا النوع من أسماك القرش في المياه قُبالة شمال أستراليا وغينيا الجديدة وقد تطورت لاستخدام زعانفها الجانبية لدفع نفسها عبر قاع البحر.

‘‘ما يميز سمك القرش الكتفي عن الأنواع الأخرى هو تحمله لنقص الأكسجين لفترة طويلة، بالإضافة إلى البقاء على الأرض والمشي لمسافات طويلة تصل إلى 30 ضعف طول جسمها‘‘

أسماك أخرى قادرة على المشي

سمك القرش الكتفي ليس النوع الوحيد المعروف بقدرته على التنقل؛ إذ اكتشف باحثون في إندونيسيا في عام 2013، نوعًا يستخدم زعانفه للمشي على طول قاع المحيط بحثًا عن الأسماك الصغيرة والقشريات، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "ذا جارديان".

وبناء على هذا الاكتشاف، فإن الدراسة التي أجراها باحثون جامعة "كوينزلاند" وشركاء دوليون عام 2020 أشارت إلى وجود 9 أنواع على الأقل من أسماك القرش تستخدم زعانفها للمشي في المياه الضحلة.

ما يميز سمك القرش الكتفي عن الأنواع الأخرى هو تحمله لنقص الأكسجين لفترة طويلة، بالإضافة إلى البقاء على الأرض والمشي لمسافات طويلة تصل إلى 30 ضعف طول جسمها، وهذه السمة أمر في غاية الأهمية خلال الوضع المناخي الحالي، كما أنها أعطت لهذا النوع القروش مرونة لتفادي الحيوانات المفترسة بالمحيطات والوصول إلى الغذاء بسهولة.

في النهاية، يعتقد الباحثون أن هناك المزيد من أنواع أسماك القرش القادرة على التنقل والسير كما أنها في انتظار اكتشافها مستقبلا.