مهمة صيفية يبحث عنها الملايين، ترتبط بتوفير وسائل سريعة لترطيب أجسامهم في ظل ارتفاع درجات الحرارة، وتجنُّب أشعة الشمس الحارقة، خصوصاً مع تسجيل درجات مرتفعة بفعل التغيرات المناخية والعادات البشرية. ومن هذه الوسائل "عصير الفواكه"؛ إذ يتميز بمعدلات عالية من الترطيب.
وبالرغم من أن عصير الفواكه من العصائر الموصى بها من قِبل الأطباء وخبراء التغذية، فإن هناك جانباً خفياً يتعلق بمشاكل المناخ؛ إذ تؤثر الموارد اللازمة لزراعة المنتج، ونفايات الطعام المرتبطة بصنع العصير، والمواد المستخدمة لتعبئته، والطاقة اللازمة لشحنه وتخزينه سلباً على البيئة.
تجاوز الاستهلاك العالمي لعصير البرتقال 1.5 مليون طن متري، خلال الفترة بين عامي 2019 و2020، ومع زيادة المواليد يمثل الأمر كارثة بيئية؛ لارتفاع معدل استهلاك عبوات العصير المصنعة من البلاستيك أو الكرتون أو المواد غير الصديقة للبيئة، والمتعددة الآثار السلبية، وفقاً لموقع "Treehugger".
يحتوي عصير البرتقال على بصمة كربونية تبلغ 200 جرام لكل كوب؛ ما يُسبِّب ارتفاع معدل غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وهي إحدى المشاكل الخطيرة التي يسعى العالم إلى حلها، ومن خلال تعاون بين شركة PepsiCo ومعهد الأرض التابع لجامعة كولومبيا لتحديد البصمة الكربونية لأحد منتجات عصائر الفواكه، وُجِد أن نصف جالون من عصير الفواكه يمثل 3.75 رطل من ثاني أكسيد الكربون، وهو الكمية المنبعثة من ركوب سيارة لمسافة خمسة أميال.
بالرغم من أن البصمة المائية للبرتقال معتدلة (60 بوصة "1.5 متر")، فإنها تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء لإزالة بقايا المبيدات التي تؤثر سلباً على البيئة والمياه الجوفية والحياة البرية، قبل تحويلها إلى عصير يباع في الأسواق للعملاء، وفقاً لموقع "Impactful.Ninja".
تجاوز الاستهلاك العالمي لعصير البرتقال 1.5 مليون طن متري خلال الفترة بين عامي 2019 و2020 ومع زيادة المواليد يمثل الأمر كارثة بيئية لارتفاع معدل استهلاك عبوات العصير المصنعة من البلاستيك أو الكرتون أو المواد غير الصديقة للبيئة
وفي كتاب الغذاء الذكي للمناخ، أشار المؤلف "ديف راي" إلى خطورة التغيرات المناخية على نمو الفواكه، بخاصة مع ارتفاع درجات الحرارة؛ حيث "من المرجح أن يعوق تغير المناخ نمو محاصيل الفاكهة بشكل سليم بسبب ارتفاع درجات الحرارة؛ ما يتطلب استهلاك المزيد من المياه والأسمدة ومبيدات الآفات؛ لذا يمثل عصير الفواكه عبئاً على البيئة بسبب هدر الماء والموارد الطبيعية.
بين المانجو والفراولة
بالنسبة إلى عصير الفراولة، فإنه يعد من العصائر الشائعة في فصل الصيف، ولكن لها تأثيراً بيئياً سلبياً للغاية، وتحتاج إلى كميات هائلة من الماء والأسمدة النيتروجينية؛ ما يتلف التربة ويؤذي المحاصيل الأخرى؛ إذ يساهم النيتروجين الزائد في هطول الأمطار الحمضية وتلوث مياه الشرب، وهو ما يسبب أضراراً جسيمة للحياة البرية.
ولا يعد عصير الفراولة خياراً جيداً في فصل الصيف؛ نظراً إلى عملية زراعة الفراولة التي ينتج عنها مخلفات زراعية؛ إذ يصعب إعادة تدويرها، وفقاً "للوكالة الأمريكية للحماية البيئية".
وتمتلك الفراولة بصمة مائية عالية من 50 إلى 75 بوصة من الماء سنوياً (1.3–1.9 متر)، وبصمتها الكربونية 0.39 كجم من مكافئ ثاني أكسيد الكربون؛ ما يخلق أزمة بيئية تُفاقِم مشكلة المناخ.
يتم إنتاج 43 مليون طن من المانجو على مستوى العالم سنوياً، وتتراوح البصمة المائية للمانجو بين 26 و52 بوصة سنوياً (0.6 إلى 1.3 متر)؛ ما يزيد من معدل الانبعاثات؛ لذا يعد عصير المانجو المعلب من المنتجات غير النظيفة بيئياً، خصوصاً أن بذورها من أكثر المنتجات الثانوية الصناعية الزراعية غير المستدامة؛ إذ تطلق نحو 123 ألف طن من النفايات سنوياً، بحسب Abcfruits.
وتبحث الدول الآن عن طرق زراعة مستدامة؛ ما ينتج محاصيل وفواكه أكثر استدامة، وعند تحويلها إلى عصير لا تطلق غازات سامة. ووفقاً لـ"ACS Publications" يمثل الحجم الهائل لمخلفات الفاكهة مصدرَ قلقٍ؛ إذ يعوق إدارة النفايات بطريقة سليمة، ويتم إنتاج 25 مليون طن نفايات سنوياً بسبب زراعة الفواكه.
يمثل الحجم الهائل لمخلفات الفاكهة مصدرَ قلقٍ إذ يعوق إدارة النفايات بطريقة سليمة ويتم إنتاج 25 مليون طن نفايات سنوياً بسبب زراعة الفواكه حول العالم
لذا تعد استعادة المركبات الفينولية من المنتجات الثانوية لصناعة عصير الفواكه من الأمور الهامة؛ لكونها طريقة مستدامة تخفض معدلات النفايات، كما أن مخلفات الفاكهة المتمثلة في البذور واللب والساق، تعد أشكالاً مختلفة من مخلفات الفاكهة، ولكن تحتوي على عدد كبير من المركبات النشطة بيولوجياً، التي تتميز بالعديد من الفوائد الصحية بالنسبة إلى الإنسان؛ لذا يمكن معالجتها وتناولها لكونها تتميز بخصائص مضادة للأكسدة والسرطان.
إعادة التدوير
تحتوي علب العصير المتوسطة على 75٪ ورقاً و20٪ بوليثين و5٪ ورق ألومنيوم. وبالرغم من التخلص منها بإلقائها في سلة المهملات دون التفكير في حماية البيئة، فإن دراسات أكدت أنه يسهل إعادة تدويرها من خلال شركات متخصصة؛ إذ تفصل رقائق الألومنيوم والبوليثين لإذابة الورق وإعادة تدويره.
ومن ثم، عليك تجميع علب العصير وتفريغها من السائل المتبقي، مع مراعاة تنظيفها جيداً قبل إرسالها إلى شركات إعادة التدوير، ويتم فرزها من النفايات الأخرى من خلال تقنية الأشعة تحت الحمراء.
وبعد الفرز يتم نقل الكراتين إلى مصانع الورق لتطبيق عملية تكسير رزم الأوراق والكرتون إلى قطع صغيرة من خلال خلاط عملاق مليء بالماء. ويستغرق الأمر دقيقتين، وتفصل هذه العملية الورق عن البوليمرات والألمنيوم، ويتم بعد ذلك غسل الألياف الورقية المستخرجة لتصبح جاهزة لتدخل في صناعة الورق، نقلاً عن موقع "Conserve Energy Future".